كلمة الدكتور حجر في مجلس الشورى 2002
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادةَ رئيسِ المجلس
الأخوةُ أعضاءَ المجلس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكركم على الدعوةِ الكريمة لحضور اجتماعكم هذا، ويسرني أن أقدم لكم شرحاً عن الخِدمات الصحية والعلاجية في الدولة وتاريخها، وعن إنجازات المؤسسة ووزارة الصحة خلال الثلاث السنوات الماضية، ثم سأستعرض المشاكل التي تواجهنا وبعدها سأكون على استعداد للحوار. ولا شك أن إنجازات 1000 يوم لا يمكن سردها لكم في ساعة واحدة فقط. وأنا أعتذر مقدما عن الإسهاب في السرد.
المقدمة:
كوني طبيباً مواطناً تهمني صحةُ كلِّ فردٍ في هذا الوطن، وأمنيتي في الحياةِ أن أعيش لأرى قطر منارةً للطب الحديث، وفي مقدمة الدول التي تقدم خِدماتٍ طبيةً راقية. ولذلك فنحن نسعى ونهدف للوصول إلى أعلى مستويات التطور الطبي والرقي المِهْني.
الرعايةُ الصحيةُ حقٌ لكل مواطنٍ، وليست منةً. هذا ما تؤمن به قيادتُنا السياسية وهذا ما نطبقُه في الواقع. وواجبنا الوظيفي والمِهْني نحن الأطباءَ والعاملين في حقل الطب والصحة يحتمُ علينا أن نسهرَ ونتعب لخدمةِ المرضى وتخفيفِ آلامِهم وإسداءِ النصحِ والعلاج المناسب لهم، ولكنْ في المقابلِ نتوقع أن يعاملَنا الناسُ بالاحترام والتقدير اللائقِ بنا وبمهنتنا.
صدورُنا واسعةٌ للنقدِ البناء والحوارِ الهادف، ولكن لا تتسعُ لقبول الاتهاماتِ المغرضة لتشويه سمعةِ المؤسسة وأطبائها ، فنحن لا نَحقِدُ ولكن لا نقبلُ الخطأ لا من الأطباءِ ولا عليهم وكما قلت مرة:
حمَدتُ ربيَ لم نَحقِـدْ على أحـد نحنُ الأطباءَ مافي قلبِنا داءُ
نحنُ الأطباءَ لانسعى لسـيئةٍ فللطبيبِ عن السـوآتِ إغضاءُ
فمؤسستُنا لا تُقدمُ خِدماتٍ بشكل آلي وروتيني، ولكنَّ هناك عمليةَ تقييم وتطوير وتحسين مستمرٍ قد لا يَشعُرُ بها الفردُ الذي أنعم الله عليه بصحةٍ جيدة فلا يحتاجُ إلى رعايةٍ طبية.
التشخيص الحديثُ تجاوز السماعة وصورة الأشعة، بل هناك وسائلُ معمليةٌ تديرُها حواسبُ آلية، وصورٌ رقمية عالية الوضوح، وتطورٌ تقني فائقٌ، أبعد الطبيبَ عن التخمين الخاطئ، وقرّب التشخيصَ من الحقيقة، ومعَ ذلك فإني لا أدعي أنَّ الطِّب وصلَ الكمال،َ فالكمالُ للهِ سبحانه، ولكن قللَ الأخطاءَ التشخيصيةَ والعلاجية.
كما أن العلاجَ الآن جاوز الحبوبَ والمراهمَ ، ودخلت أجهزةٌ حديثة للعلاج وعملياتٌ بدون جراحةٍ أو نزفِ دم، وأعضاءٌ صناعية ومُعَداتٌ ومفاصلُ تُزرع داخلَ الجسمِ، تعوِّضُ عما أفسدَهُ الدهرُ أو أتلفه الداءُ، ولم يُسعِفْه الدواءُ.
هذه التطوراتُ التقنيةُ تزدادُ تطوراً وتعقيداً كلَ يومٍ، فلا بُدَّ لنا من مواكبةِ عجلةِ التطورِ، خدمةً لوطَنِنا ورُقياً بمهنتِنا الساميةِ ، ولكنَّ لكل تطورٍ وتقدم ثمناً ، والثمنُ هو ارتفاعُ تكاليفِ الأجهزةِ الطبيةِ والأدويةِ الحديثة ورواتبِ الأطباءِ المختصينَ، مما يحتمُ علينا ترشيدَ الإنفاقِ، كي لا نكونَ من الذين يَعوقون التنميةَ الوطنية.
في السنوات الماضيةِ كانت سياسةُ الدولةِ التقشفيةُ، بسبب نقص الإيراداتِ، تعوقُ تطويرَ خِدْماتِنا، ولكني أحمَدُ الله أنَّ وضعَنا الآن قد تغيرَ، أرجو أن يُديم اللهُ علينا النعمةَ، فلقد عوضتنا الدولةُ عن بعضِ السنواتِ العجافِ، فسارعنا في التطويرِ، وأمرَ صاحبُ السموِّ الأميرُ الشيخُ حمدٌ، حفِظهُ اللهُ، أن تُخصِصَ وِزارةُ الماليةِ الإيراداتِ اللازمةَ للصحةِ، وأن لا تخصمَ من ميزانيتِها، ودعمَ سموُّهُ بعضَ المشاريعِ الصحية الجديدة وبناءَ المستشفياتِ، كما تكرم سموُّ وليِّ العهدِ الشيخِ جاسمٍ بتخصيصِ مبالغَ إضافيةٍ على الميزانيةِ لتطويرِ خِدْماتِ الطوارئِ والإسعافِ. لذلك فإن كان هناك تقصيرٌ في نظر البعض، فهو منا وليس من الدولةِ، ولا يمكن أن نتعذرَ بنقصِ الموارد هذه المرةِ. فهذه أولُ مرةٍ ألتقي فيها معكم دونَ أن أطلب منكم التوصيةَ بتدعيمنا مالياً.
ولكن توفيرَ المواردِ الماليةِ لا يعني التبذيرَ وتحميلَ الدولةِ، التي لا زالت تعاني من الديونِ، نفقاتٍ ممكنٍ تجنُّبُها.
ولقد نجَحنا في ترشيدِ الإنفاقِ، وشَهِدت لنا مراكزُ عالميةٌ كان آخرَها فريقٌ إداريٌ من جامعةِ كورنيلَ، الذي اعترف للصحفِ المحلية بتقديرِهِ لإدارةِ مؤسسةِ حمدٍ الطبيةِ، التي تُديرُ المؤسسةَ بميزانيةٍ تعادل ثلثَ الميزانيةِ التي قدرها الفريقُ الزائرُ للمؤسسةِ. كما أنَّ ميزانيةَ مؤسستِنا في السنةِ الماضيةِ كان (780 مليونَ ريالٍ) وهي تعادلُ نصفَ ميزانيةِ مستشفى الملكِ فيصلٍ التخصصي في الرياضِ البالغةِ (1500 مليونَ ريالٍ)، مع أنَّ عددَ الأسرةِ عندنا (1300 سريرٍ) أي أكثرُ من ضعفِ عددِ أسرةِ مستشفى الملكِ فيصلٍ البالغة (560 سريراً).
إدارةُ مؤسسةِ حمدٍ الطبيةٌِ:
كانت مؤسسةُ حمدٍ الطبيةُ تديرها كوادرُ أجنبيةٌ في السنينِ الأولى من إنشائها، بينما كان شبابُنا يدرسونَ ويتدربون في الخارجِ وداخلَ المؤسسةِ، أما الآن فيسُرُني أن أُخبرَكم أنَّ الإدارةَ العليا لمؤسسةِ حمدٍ الطبيةِ قائمةٌ على أكتافِ كوادرَ قطريةٍ مخلصةٍ ومؤهلةٍ. فالمديرُ العامُّ والمديرُ الإداري ومساعدوه والمدير الطبي ومساعده ورؤساءُ الأقسامِ الإداريةِ، جميعُهم قطريون إلا واحداً هو رئيسُ قسمِ الصيانةِ. كما أنَّ نصفَ رؤساءِ الأقسامِ الطبيةِ أطباءُ قطريونَ.
بهذه المناسبةِ أوَدُّ أنْ أؤكدَ أننا لا نسنِدُ منصباً قيادياً في المؤسسةِ لموظفٍ، قطرياً كان أو غيرَ قطريٍ، بناءً على شهادة جامعيةٍ فحسب، ولكنْ بعد اختباره في العمل والتأكدِ من قدراتِه ومهاراته. لذلك فنحن مطمئنونَ لمهاراتِ كوادرِنا القطريةِ التي تديرُ المؤسسةَ بجدارةٍ، ونفتخرُ بها. وما دوري أنا إلا الإشرافُ والتوجيهُ أما هذه الكوادرُ الوطنيةُ الشابةُ فهي التي تعملُ دونَ كللٍ أو مللٍ ، تحسِّنُ الحاضرَ وتخطِطُ للمستقبلِ، فتطوِّرُ خِدْماتِنا الصحيةَ بحبٍ وتفانٍ من أجل الوطنِ والمواطنِ.
ويُسعدني أن أؤكدَ لكم وللمواطنينَ الكرامِ، أنَّ اللهَ قد أنعمَ على وزارةِ الصحةِ ومؤسسةِ حمدٍ الطبيةِ خلال السنوات الثلاثِ الماضيةِ باستقرارٍ وتعاونٍ تامٍ بين الأقسامِ الإداريةِ والطبيةِ، بفضل الله وتدعيمِ صاحبِ السموِّ الأميرِ، مما ساهمَ في تحسينِ خِدْماتِنا وتطويرِها.
نُبذة تاريخية:
نحنُ العربَ نُحِبُّ تاريخَنا ونقدرُه ، فاسمحوا لي أن أعودَ قليلاً إلى التاريخ لا للتسلية ولا للتفاخرِ ولكن لاستنتاجِ الدروسِ والعبرِ، ففي التاريخ عبرٌ وفوائدُ قد تساعدُ في التخطيطِ للمستقبلِ.
كنتُ من أوائلِ الأطباءِ القطريينَ الذين أنهَوا تدريبَهم في الخارجِ وعادوا للعملِ في الوطنِ، ولم يسبقْني إلا طبيبٌ قطريٌ واحدٌ رحمة الله عليهِ. أي إننا كنا طبيبينِ قطريينِ فقط عندما بدأت العملَ سنةَ 1978م.
ففي تلكَ السنةِ، عندما بدأتُ العملَ في مستشفى الرميلةِ، شاهدتُ الطوابيرَ الطويلةَ، في الصيف الحارِ، أمامَ أبوابِ العياداتِ الخارجيةِ كما شاهدتُ إعطاءَ أغلبِ المرضى وصفاتٍ دونَ كشفٍ ودونَ مِلفاتٍ طبيةٍ تُحفظ للمراجعةِ. لا شك أنَّ ذلك الوضعَ كان مخالفاً لجميعِ الأعرافِ والأصولِ الطبيةِ التي تدربتُ عليها. بل اعتبرتُ ذلك إهمالاً طبياً واستهتاراً بمرضى لا يُدركون أن تلك الممارسةَ لا تُقِّرُها الأصولُ والأعرافُ الطبيةُ في القرن العشرينَ.
شعَرتُ أن طريقَ الإصلاحِ سوف يكونُ طويلاً ، ولكني كنت شاباً متحمساً، مليئاً بالحيويةِ والنشاطِ. اقترحت على الإدارةِ والأطباءِ العملَ بنظامِ المواعيدِ احتراماً للمريض، وتقديمَ خدمةٍ علاجية صحيحةٍ، وخلقَ ملفاتٍ طبيةٍ دائمةٍ. فقُوبلتُ بشيءٍ من الريبةِ واتُّهِمتُ (بالتأمرك) والرغبةِ في فرضِ نظمِ المستشفياتِ الأمريكيةِ في قطرَ. بل قيل لي إنَّ ما أَريدَ إنشاءَه مستحيلٌ في قطر. وقالوا إن طبيعةَ الناسِ هنا لا تتماشى مع النظامِ والمواعيدِ. أي بمعنىً آخرَ أنَّ أهلَ قطرَ غيرُ متحضرينَ، ولا يصلُحُ معهم النظامُ. أحسست بالإهانةِ من ذلك المنطقِ. فقررتُ أن أسيرَ على الطريقِ الذي أراه سليماً وحدي. وسبِحتُ ضدَّ التيارِ، كما يعلم بعضُكم، وأنشأتُ سنةَ 1979 عيادةً لمرضى القلبِ، ووضعت ملفاتٍ طبيةٍ دائمةٍ، وفرضت نظامَ المواعيدِ للعيادةِ. فاستمرت الإدارةُ والزملاءُ الآخرونَ ينظرونُ إلى تجربَتي بالريبةِ، ويتوقعونَ لها الفشلَ، ولكنها لم تفشلْ، وقد ساعدنا الله سبحانَه، وتعاون المواطنون معنا، فنجحنا في تأسيسِ خدمةٍ طبيةٍ متقدمةٍ لمرضى القلبِ في قطرِ، لا زلنا نجني ثمارَها. لا أقول ذلك لكسب شعبيةٍ لأني لستُ في حاجة إليها، حيث إني لا أنويْ ترشيحَ نفسي لانتخاباتِ مجلس الشورى أو المجلسِ البلدي مستقبلاً، ولكني أسردُها للتاريخ.
وقبلَ افتتاحِ مستشفى حمدٍ سنةَ 1982م عينتني الحكومةُ مديراً عاماً للمستشفى فأشرفتُ على الإعدادِ لافتتاحِه وتنظيمِ العملِ به واستعنت بكوادرَ أجنبيةٍ لعدمِ توافُرِ الكوادرِ الوطنيةِ آنذاك، ثم بدأت الكوادرُ الوطنية تأتي وتزدادُ، فساهمت في البناءِ والإدارةِ والتنظيمِ. ومنحت الدولةُ مستشفى حمدٍ بعضَ الاستقلاليةِ وشكلت مجلسَ إدارةٍ له.
ولما فتحنا مستشفى حمدٍ قررنا أن نضعَ نظاماً متطوراً للمواعيدِ والزيارةِ والنظافةِ وتحديدِ جلبِ الأطعمةِ وتجنبنا فوضى مستشفى الرميلةِ ،حيثُ صناديقُ الفواكهِ والخَضْرِاواتِ تُجلبُ للمرضى في الرميلة، وتُكدسُ تحت الأسرة فتجلبُ الحشراتِ والآفاتِ والأوساخَ. فقامت الدنيا ضدَنا ولم تقعد لشهورٍ عديدة، فلم نتراجعْ. وضجت الصِّحافةُ بهجومٍ لا أولَ له ولا آخرَ، ضدَ تنظيمِ مواعيدِ الزيارةِ، ووضعِ نظامٍ للمواعيدِ في العيادةِ الخارجيةِ، ومنعِ الأطعمةِ إلا بترخيصٍ من طبيب. وكنا نُلامُ على كلِّ خُطوَةٍ نخطوها ونظامٍ نُقرهُ. كنا نشعرُ أننا مظلومونَ، ولكنْ صبرنا. وأذكر أنني قلتُ في إحدى قصائدي آنذاك:
يا مهنةَ الطبِ .. إنَّ الظلـمَ يؤلمُنا إذ قد نلامُ بلاذنـــبٍ ولا سببِ
وقد يسفِّهُ ما قُلنا . . بلا خـجـلٍ مَنْ لا يفرقُ بين التـيـــنِ والعِنبِ
لم نعبأْ بتلك الضجةِ لا غروراً، ولكن لأننا واثقونَ أنه الأفضلُ لوطننا، وأننا أعلمُ بأصول العملِ في المستشفياتِ من عامة الناس. قال تعالى: "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
ورأي الأكثرية لا يعني الصواب دائماً وعبر عن ذلك الشاعر إيليا أبو ماضي:
وذبحت ثوري في الضحى والهندُ ساجدةٌ لديهِ
فكنا واثقونَ أنَّ الناسَ ستدركُ ما نهدف إليه وستؤيدنا في نهاية المطاف وهذا ما حدث وقد قلت حينَها:
وما القصد.... إلا شفـاءُ المريضْ وخير المكارمِ ... مـا يُقصدُ
غداً يُدرِكُ القومُ .... ماذا نُريـدْ؟ وليسَ بعيـداً ... علينا غدُ
أما مجلس الشورى فقد تجاوب أيضاً مع الضجة، وطلب مني الحضورَ للمناقشةِ عن الأنظمةِ الجديدةِ. فلبيت الدعوةَ وشرحتُ للمجلسِ نظامَنا. وكانت تلك أولَ مقابلةٍ لي مع مجلس الشورى. ولا شك أني كنت أُدرِكُ أن أغلبَ أعضاء المجلس آنذاك من آبائنا، كبارِ السِّنِّ، الذين أُكنُّ لهم كلَّ تقديرٍ واحترامٍ، ولكنهم لم يكونوا مطلعين على أنظمةِ المستشفياتِ، فشرحتُ لهم أهميةَ التنظيمِ لصالح المرضى، فتعاطف المجلسُ مع جهودِنا. وأخبرتُ المجلس أنه لو رضيَ الأغلبيةُ عن نظامِنا ولم يرضَ القليلُ، فسيسمَعون صوتَ الشاكينَ لا المؤيدين. فإذا اشتكى 1% من الناسِ البالغِ عددهم 400.000 نسمة، سيكون عددُ الشاكينَ في البلد 4000 شخصِ. يستطيعُ مثلُ هذا العددِ أن يقومَ بضجةٍ كبيرةٍ، في حينَ أن الأغلبيةَ الراضية وهي (99%) صامتةٌ. والكلُّ يعرفُ أن رضا الناسُ غايةٌ لا تدرك ولذلك قرأت للمجلسِ قصيدةَ ابن دريد عن رأيه في الناس ، وهو شاعر من أبناء الخليج أصلاً، وأحدُ أئمةِ اللغة المشهورين ، فأعجبت البعضَ حتى طلب مني نسخاً منها، ولم تُعجِب بعضَ الأعضاء فتذمر واشتكى. ولقد بلغني أن بعض أعضاء مجلسكم الموقرِ يرغب في سماعِ بعض أبيات تلك القصيدة، فمما قاله ابن دريد:
أرى الناسَ قد أُغروا ببغيٍ وريبةٍ وغيٍ إذا ما ميزَ الناسَ عـاقلُ
وقد لَزِموا مـعنى الخِلافِ فكلُّهُم إلى نحوِ ما عابَ الخليقةَ مـائلُ
إذا ما رأوا خيراً رَمَوهُ بظِنَّـةٍ وإنْ عاينوا شرًّا فكلٌ مناضلُ
وليس امرؤٌ منهم بناجٍ مـن الأذى ولا فيهمُ عن زَلَّةٍ متغـافلُ
وإنْ عاينوا حَبْراً أديباً مُهَذَباً حسيباً يقولوا إنَّهُ لَمُخـاتِـلُ
وإنْ كان ذا دينٍ يسَمُّوهُ نَعْجَـةً وليسَ له عقلٌ ولا فيه طائلُ
وإن جادَ قالوا مُسرِفٌ ومُبـذِّرٌ وإن لم يَجُدْ قالوا شَحيحٌ وباخلُ
وإن حجَّ قالوا ليس لله حَجُّـهُ وذاك رياءٌ أنتـجتهُ المَحَافلُ
وإن يعتللْ يوماً يقولوا عُقوبةٌ لشَرِّ الذي يأتي وما هو فاعـلُ
وإن ماتَ قالوا لم يمُتْ حتفَ أًنْفِهِ لما هو من شرَّ المآكلِ آكِلُ
وما الناسُ إلا جـاحِدٌ ومعانِدٌ وذو حسدٍ قدبانَ في التَّخاتُلُ
فلا تَتْركَنْ حــقًّا لِخِيـفَـةِ قائلٍ فإنَّ الذي تَخشى وتَحذَرُ حاصلُ
ولا غروَ أن آراءَ الناس قد تغيرتْ في السنين الأخيرةِ فالناسُ ينتقدون ويقولون الآن إن إدارة المستشفى ليست صارمةً في تنظيم الزياراتِ ودخول الأطفال وما يسببونه من إزعاج . ويطالبنا البعضُ بزيادة التشددِ.
إنجازاتُ وزارةِ الصحة
1. التراخيص:
عندما شرعنا في منعِ أي طبيب يعمل في القطاع الخاص دونَ امتحانٍ ورخصةِ عمل، وذلك للتأكد من كفاءة الأطباء في سنة 1989، كما أذكرُ، قامت ضجة كبيرة في الصحافة أيضا، ومناشداتٌ لمجلس الشورى بالتدخل، ففعل ورفع مُذكِرةً للحكومة مقترحاً منع وزارة الصحة من فرض الامتحانات ولكن الحكومة رفضت الاقتراح. والجدير بالذكر أنه لم يكن هناك قطري واحد في الطب الخاص آنذاك.
كان ذلك هو الموقف السلبي الوحيد الذي وقفه أعضاءُ المجلس السابقون من الصحة.
ولكن المواقفَ الإيجابية للمجلس المدعمةَ للصحة كثيرةٌ، فقد دعم مجلسكم الموقرُ مشكوراً وزارة الصحة ومؤسسة حمد الطبية في مشاريعَ حيويةٍ كثيرة أذكر منها تخصيصَ ميزانياتٍ إضافية للإسعافِ، وتدعيمَ المختبر المركزي لوزارة الصحة وتوسيعه، وتخصيصَ ميزانية لبناء مبنى للقومسيون الطبي الجديد، كما أيدتمونا -جزاكم الله خيراً- في التشريع لمكافحة التدخين الخ.
والجدير بالذكر أن قسمَ التراخيص بما قدمه من امتحانات وتفتيش قد قام بدورٍ هامٍ في حماية الناس من أطباءَ غيرِ مؤهلين، ورفضِ الترخيص لمئاتٍ منهم، كما أغلق القسم عياداتٍ وصيدلياتٍ شكلت خطورةً على صحة الناس. لقد تقدم للامتحان خلال السنوات الخمس الماضية 250 طبيباً بشرياً لم ينجح منهم إلا 63 طبيباً. ويعمل الآن في القطاع الخاص 187 طبيباً بشرياً.
ولقد غيرنا القسم حديثاً إلى إدارة، بسبب ازدياد أعباء القسم مع زيادةِ سكان الدولة ومتطلباتِها.
2. القومسيون الطبي:
قد لا تصل أصواتُ العمالِ الفقراءِ إلى المسؤولين بسهولةٍ، ولكنها وصلتنا، فما أن سمِعتُ عن معاناتِهم، وأن عاملاً أغميَ عليه من الحر وهو في طابور الانتظار يوم 24/8/99 ، ذهبت لتفقدِ الأمرِ في اليوم التالي .وتحدثت مع العمال وبعض الكفلاء من المواطنين. كان العمال يأتون كلَّ يوم وبعضهم يقف من منتصف الليل في الطابور، وقد يحتاج العامل إلى أكثرَ من 3 أيامٍ قبل أن يصل إلى الكاتب كي يسجل اسمه. وقد تستغرق المعاملة شهراً.
ذهبت بنفسي مع المسؤولين في الوزارة يومياً ، لمدة أسبوع، لتنظيم القومسيون تنظيماً جذرياً وإلغاءِ العديد من الأوراق الروتينية البيروقراطية وسهلنا الإجراءاتِ ووفرنا غرفاً مكيفةً للمراجعين . وخلال أسبوعين اختفت الطوابيرُ الطويلة وصارت المعاملةُ تُنجَزُ في 3-4 أيامٍ بدلاً من شهر.
ومن إنجازات القسم خلالَ السنة الماضيةِ، التوسعُ خارج مدينة الدوحة للفحص على العمالة في الخور والوكرة.
وفي السنة الماضية تم الكشفُ على 112.193 مراجعاً وتم إبعادُ 1.019 شخصاً ، منهم 703 مصابون بالسل و67 مصاباً بالإيدز و249 مصاباً بالتهاب الكبد الوبائي. وأهمية ذلك أنها تجنب مجتمعنا كما تعلمون انتشار تلك الأوبئة.
وتقام الآن بناية جديدة للقومسيون الطبي موِّلت من ريع القسم.
3. المختبر وقسم مراقبة الأغذية:
يقوم القسم بالرقابة والتفتيش الصحي على الأغذية الواردة من جميع منافذ الدولة.
وقد كشف خلال العام الماضي على حوالي 500 ألف طن من المواد الغذائيةِ رفض منها 582 طناً لعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
ولا يخفى عليكم نشاط المختبر المركزي في مراقبة المياه والأسماك، وأنا أطَّلع على التقارير باستمرار، وهي سليمة وخالية من التلوث، وما روج أخيراً عن تلوث مياه الشرب في قطر دعايةٌ تجارية لشراء آلات.
4. مكافحة السل:
ازداد انتشارُ السل في الدول النامية في العقدين الماضيين بسبب مرض نقص المناعة كما انتشرت جرثومة السل المتعددة المقاومة للأدوية القاتلة لـ 70% من المصابين. ولكن برنامجَ مكافحة السل في قطر من أكثر البرامج فعاليةً في المنطقة، فقد انخفضت نسب الإصابة في قطر خلال العقدين الماضيين في الـ100.000 من 112 حالة إلى 44 حالة سنة 2001. كما أن نسبة الإصابة في القطريين انخفضت من أكثر من 25% سابقاً إلى 20% من المصابين سنة 2000 و 17% من المصابين سنة 2001. وجرثومة السل المتعددة المقاومة للأدوية معدومة بين القطريين والحمد لله.
وسنوفر قريباً آخرَ ما توصل إليه العلم في مجال الكشف على جرثومة السل في المختبر بحيث نستطيع التأكد من وجود الجرثومةِ في عينات البلغم خلال يوم واحد بدلا من أسابيع.
الأيدز:
أما بالنسبة لمرض الأيدز فإننا نكتشف بين 5-7 حالات في سكان البلد من القطريين والمقيمين سنوياً. وهو عدد قليل جداً إذا قارناه بدولٍ أخرى. وتوفر المؤسسة أحدث ما توصل إليه الطب من علاج لهذا المرض. لذلك فإن معظم المصابين اليوم في قطر يتمتعون بصحة جيدة.
5. تطعيم الأطفال:
تطعيمُ الأطفال من الأمور التي لدولتنا الريادةُ فيها في المنطقة.
- شكلنا خلالَ السنوات الثلاثِ لجاناً ووحداتٍ للإشراف والتسجيل والمتابعة لتطعيمات الأطفال.
- سبقت دولة قطر المنطقة في إدخال تطعيم الأطفال ضد التهاب الكبد الوبائي ب والتطعيم ضد التهاب السحايا (الهيموفيلاس ب).
- أدخلنا سنة 2001 تطعيمَ الأطفال ضد الجديري المائي (العنجز) ونحن أول دولة في الشرق الأوسط تطعم أطفالها ضد هذا المرض.
- تشمل تحصيناتنا للأطفال الآن 11 تطعيماً.
- كما أننا نقدم تطعيمات للحجاج والمعتمرين والمسافرين.
6. مدرسة التمريض:
نسبة القطريات في مهنة التمريض لا تزيد عن 8% من الممرضات (2204:170). ونحن في حاجة لتشجيع هذه المهنة.
قبلَ ثلاث سنوات غيرنا مدرسة التمريض التي كانت تقبل خريجات الإعدادية إلى معهد التمريض العالي بمستوى كلية تلتحق بها الطالبات بعد الثانوية. كانت المدرسة تخرج حواليْ 20 ممرضة سنويا بينما سنخرج من المعهد هذه السنة 87 ممرضة والسنة القادمة 150 وبعدها 180 ممرضة تقريباً.
مؤسسة حمد الطبية
تتكون المؤسسة حالياً من أربعة مستشفيات:
1. مستشفى حمد:
افتتح 1982 بسعة 660 سريراً. وهو مكتظ الآن بالمرضى.
مشكلة الغرف الخاصة:
عدد الأسرةِ الخاصة في مستشفى حمد 130 سريراً ، وكل مريض مواطن يريد غرفةً خاصة بل نُطالب بتوفير غرفٍ خاصة للعجزة وكبار السن الذين يقيمون في المستشفى بصورةٍ شبه مستمرة. فإذا علمتم أن عدد العجزة في مستشفى حمد الآن (من غير الرميلة) 108 مرضى، فإذا وضعناهم في 108 غرفة خاصة، فلن يبقى في مستشفى حمد غير 22 غرفة خاصة لبقية المرضى القطريين.
عدد أسرة المستشفيات في قطر اليوم مع المستشفيات الخاصة حوالي 1400 سريراً وهو يعادل 450 نسمة لكل سرير في حين أن في الدول الراقية حوالي 100 نسمة للسرير، ولو حسبنا أسوأ معدل مقبول وهو 300 نسمة لكل سرير فإننا نحتاج إلى 2200 سرير اليوم أي عندنا نقص بمقدار 800 سرير.
ومشكلة الغرف الخاصة أكبر مشكلة تواجهنا الآن وحلها مستحيل قبل أن نفتح مستشفيات جديدة خططنا لها سابقاً.
أجمع الخبراء الزوار أن مجانية الخدمات العلاجية تشكل جزءاً كبيراً من مشكلة الغرف الخاصة ولا بد من وضع رسوم ولو رمزية كما فعلت دولٌ خليجية أخرى على الغرف الخاصة. فالبحرين والكويت وعمان تفرض رسوم على الغرف الخاصة للمواطنين، ومع ذلك فلا سمو أمير البلاد المفدى ولا القائمون على الخدمات الطبية يرغبون في إرهاق المواطنين برسوم على العلاج الآن، وبناء المستشفيات يستغرق سنيناً للإنجاز.
2. مستشفى النساء والولادة:
افتتح سنة 1988 بسعة 330 سريراً.
لقد كانت خدمات مستشفى النساء والولادة تعاني قبل 3 سنوات من المشاكلِ مستعصية وجدنا لها حلول:
1. تم تقيم أداء الأطباء وبناء على ذلك أوعزنا بالاستقالة أو أنهينا خدمات 15 طبيباً وطبيبة من مستشفى النساء، وصمدنا أمام عواصف والوساطات التي لا تنتهي، لإعادة المفصولين فلم نتراجع. ووظفنا 30 طبيباً جديداً ذا كفاءة أعلى.
2. أدخلنا تحسينات إدارية على دخول المرضى والطوارئ والعمليات. كما زدنا أعداد الممرضات والفنيين.
3. زدنا عدد غرف العمليات في مستشفى الولادة.
4. وضعنا برامج للأمومة والطفولة والعناية بالحوامل في المراكز الصحية بإشراف متخصصين. كما بدأنا في توفير بعض أجهزة الفحص المكلفة (الموجات فوق الصوتية) في بعض المراكز.
إحصائيات مستشفى الولادة:
1. تزيد عدد الولادات عن 10 آلاف ولادة سنوية (عدد الولادات سنة 2000 بلغت 11180)
2. وفيات الأمهات أثناء الولادة عندنا نادرة والحمد لله وهي 6.8 في كل 100.000 ولادة، في حين في بريطانيا نسبة الوفيات أعلى وهي 9.9 لكل 100.000 ولادة. (الواقع أن الوفيات في مستشفى النساء عندنا لا تزيد عن امرأة واحدة في السنة ولم تقع في بعض السنين وفاة).
3. وفيات الأطفال المولودين في الأسبوع الأول من العمر 13.45 لكل 1000 مولود في حين أنه في بريطانيا 7.9 لكل 1000 مولود. والسبب في أن وفياتَهم بعد الولادة أقلُ هو أنهميسمحون بالإجهاض للأجنة المشوهة والتي من المتوقع وفاتُها، ولكن لا الأهالي ولا الأطباء في قطر يقبلون ذلك. كما أن برنامج أطفال الأنابيب يزيد نسبة ولادة أطفالٍ صغارِ الحجم معرضين لوفيات أكثر.
4. معدل انفجار الرحم في كل 100.000 ولادة في قطر 18 في حين في السعودية 27 وفي أمريكا 70 وفي مصر 265 . وقد نشرت مجلة النساء والولادة الدولية نتائج مؤسسة حمد الطبية.
5. علاج العقم:
ابتدأنا برنامج علاج العقم سنة 1993 ونعالج حواليْ 500 مريضة سنوياً ونجاح القسم الآن مفخرة لنا حيث بلغت نسبة النجاح في حصول الحمل في مركزنا 30.7% في حين أن في بريطانيا 18.1% وفي أمريكا 26.8% والمعدل العالمي 21.1% أي أن نجاحنا أفضلُ من نجاح أمريكا، وأفضلُ من المعدل العالمي، ومع ذلك فهناك من يطلب منا التحويل لبريطانيا لعلاج العقم! (عقدة النقص تجعل الناس لا يصدقون أننا قد نقدم خدمة أفضل من بريطانيا).
مع ذلك فأخبار نجاح مركزنا وصل إلى الدول المجاورة والتي عندها مراكز علاج العقم وتأتى إلى قطر بعض النساء للعلاج. فقد قدم من الدول المجاورة للعلاج في مركزنا السنة الماضية 11 مريضة.
3. مستشفى الرميلة:
افتتح سنة 1956. يحتوي الآن 290 سريراً يضم المسنين والمعاقين وتخصصات أخرى. الكل يعرف مستشفى الرميلة وتاريخه. وقد حُول إلى مستشفى للعجزة بعد افتتاح مستشفى حمد. ثم أعيد ترميمه فأصبح مستشفىً جديداً بغرف أشرح للصدر من مستشفى حمد. ولا أنكر أن لي ارتباطاً تاريخياً مع مستشفى الرميلة، فقد أجريت لي عملية اللوزتين فيه وأنا صبي، وأخذت انطباعي الأول عن مهنة الطب منه صغيراً، وأول قسم أسسته وعملت فيه كان في الرميلة. لذلك فمنذ أن تسلمت مسؤولية المؤسسة من جديد كان حُلمي أن يعادَ تأهيل المستشفى وتغيير صورته من مستشفى للعجزة إلى مستشفى عام، يضاهي مستشفى حمد. ولقد نجحنا في تلك الخطة والحمد لله.
ففي 1999 أنشأنا 3 غرف عمليات جديدة فيه، ونقلنا إليه أقسام الأنف والأذن والحجرة والعيون والفك والأسنان بجانب قسم التجميل وجراحة اليد ووحدة الحروق. ووضعنا فيه المختبرات والأشعة بل زودنا المستشفى بجهاز تصوير مغناطيسي MRI أحدث من الذي في مستشفى حمد.
كما أنكم سترون مستشفيات جديدةً في حرم الرميلة مثل مستشفى الأورام التي بانت ملامحه، ومستشفى القلب ومستشفى الحوادث والعظام اللذَين حددت لهما ميزانيتان.
والمشكلة الحالية في مستشفى الرميلة أن عدد العجزة182 عاجزاً وعدد الذين لا داعي لبقائهم في المستشفى 103 مرضى. هؤلاء يشكلون عبئاً مكلفاً على الخِدمات الطبية والأسرة ، في حين أن كلما يحتاجوه عناية أُسَرية أو مأوىً للعجزة.
4. مستشفى الأمراض النفسية:
المستشفى من مخلفات مستشفى النساء القديم يتسع لـ 59 سريراً. ونخطط الآن لبناء مستشفى جديد للأمراض النفسية بسعة 100 سرير.
الكوادر الطبية الأجنبية:
هناك صعوبة كبيرة في استقطاب كوادر طبية بكفاءات عالية من الخارج. وفكرة بعض الناس أن الدراهم تجلب أحسن الأطباء فكرة غيرُ صحيحة. فمن الصعب إقناع الطبيب الناجح المستقر في بلاده بأن يأتي للعمل في الخليج مهما منحناه من راتب، مع العلم أنه عندنا الصلاحيات التامة لمنح الطبيب الجيد أي راتب نراه ضرورياً لاستقطابه.
الأطباء الكبار ليسوا جالسين ينتظرون عرضاً منا، هناك أمور تجعل كبار الأطباء يعزفون عن القدوم إلى الخليج مثل حياتهم الاجتماعية والعلم وتطوره الأكاديمي. فالفكرة السائدة في الغرب اليوم وعند الغربيين ـ كفانا الله شرهم ـ أن منطقتنا منطقة حروب وإرهاب. حتى إنه بعد أحداث 11 سبتمبر:
- ألغَى الأطباء الزوار زياراتِهم للخليج.
- رفض بعض أطبائنا السفر إلى أمريكا للتدرب.
- رفض بعض المرضى القطريين ومرافقيهم الذهاب إلى أمريكا للعلاج خوفاً من المضايقات في المطارات الأمريكية.
وإذا حدثت حرب جديدة في الخليج، لا سمح الله، كما تتنبأ الصحافة هذه الأيام فإن ذلك سيزيد عزوف الأطباء الأجانب عن القدوم إلى الخليج وستزداد أسعار الأدوية والمعدات الطبية بجانب الانعكاسات السلبية الكثيرة علينا.
الأطباء المهاجرون ذوو الكفاءات العالية الذين يشعرون بأنهم لا يحصلون على الفرص القيادية في الدول الأجنبية من الممكن استقطابهم وكذلك الأطباء العرب والمسلمون الذين لا يريدون لأبنائهم وبناتهم العادات الغربية المنافية لدينهم.
ففي الظروف العادية نحتاج إلى ما لا يقل عن سنة لاستقطاب طبيب استشاري بكفاءة عالية.
طريقة التوظيف:
نبحث عن طريق الإعلان في المجلات الطبية العالمية وشركات التوظيف. ويدرس المدير الطبي الطلبات ويطلب الشهادات والسيرة الذاتية ويناقشها مع رؤساء الأقسام المعنية. ثم يراسل الطبيب الذي وقع عليه الاختيار ويزوده بالمعلومات التي يطلبها عن القسم أو البلد. وأخيراً يدعى للعمل كزائر لتقييم أدائه وإعطائه فرصة أن يرى المستشفى والبلد وإذا تم التأكد من كفاءتِه وخبرته ووافق على العمل معنا، يتم التعاقد معه.
في سنة 1999 استقطبنا 5 استشاريين وفي سنة 2000 استقطبنا 13 وفي سنة 2001 استقطبنا 18 استشارياً.
ولا شك أن استقطاب الكوادر الأجنبية أمر مؤقت وكوادرنا الوطنية تزاد عاماً بعد عام لذلك فإن الأفضل لنا التركيز على الكوادر الوطنية وهي التي كرسنا لها جهوداً متواصلة لابتعاثها وتدريبها.
الكوادر الطبية القطرية:
في مؤسسة حمد الطبية اليوم 818 طبيباً منهم 352 قطرياً أي أن 43% من أطباء المؤسسة قطريون. ويبلغ عدد الاستشاريين 151 طبيباً منهم 51 طبيباً قطرياً (أي الثلث). وفي بعض الأقسام مثل القلب الاستشاريون القطريون ضعف غير القطريين (6 إلى 3)، وفي الجراحة العامة والعيون القطريون ثلاثة أضعاف غير القطريين. كما أن نصف رؤساء الأقسام الطبية قطريون.
فعّلنا قسم الإشراف على تدريب الكوادر الطبية في المؤسسة وفي الخارج، وقد زودَنا القسمُ بما يلي:
في سنة 2001 حصل 15 طبيب قطري على شهادة التخصص. بالإضافة إلى 7 أطباء قطريين أنهوا شهادة الزمالة في كندا وبريطانيا. كما تم ابتعاث 17 طبيباً قطرياً للتخصص في الخارج وثلاثة للحصول على الزمالة.
كما ينظم القسم محاضرات ومؤتمرات طبية بعضها يومي وبعضها أسبوعي وبعضها شهري يدعو لبعضها أطباء من الخارج للرفع مستوى العمل الطبي ومهارات الأطباء.
إنجازات الأقسام:
1. الطوارئ والإسعاف:
لقد كان لي لقاء مع لجنة الخدمات لمجلسكم الموقر في نهاية عام 1998 ولقد ذكرت للإخوان أعضاء اللجنة عدم رضانا عن الإسعاف في الدولة ووعدنا ببذل جهودٍ لتحسينها. والدليل على العلاقة الجيدة بيني وبين مجلس الشورى أنني كنت مديراً عاماً للمؤسسة ثلاث مراتٍ وفي كل مرة يطلب المجلس فيها مديراً للمؤسسة أكون أنا ذلك المدير. أرجو أن يكون ذلك دليلاً على المحبة.
لقد وضعنا ونفذنا خلال السنوات الثلاث الماضية خطواتٍ لتطوير خدمات الطوارئ والإسعاف ، وأنشأنا مراكز (غرفاً وكوادرَ ومعداتٍ) للطوارئ والحوادث في مدينة الكعبان والخور والوكرة. ونعمل على إنشاء مركز في مدينة الشمال خلال شهر، ونخطط لبناء 6 غرف طوارئ في أبو سمرة وسودانثيل وامكينس وامسعيد وعلى طريق الخور الجديد (الوسيل) والغرافة.
كما أنشأنا 7 مراكز فيها محطات إسعاف (1-2 سيارة) في مدينة الكعبان والخور وأم صلال والوكرة والشحانية وسودا نثيل وأمسيعيد.
عندنا الآن 9 محطات (فيها سيارات) إسعاف داخل الدوحة بالإضافة للسبع المذكورة أعلاه خارج الدوحة. ومع نهاية هذا العام سيتم افتتاح 23 محطة جديدة في الدولة (ننتظر وصول السيارات واستقطاب الكوادر وتدريبها).
أنشأنا سنة 2000 وحدة عناية مركزة جديدة للعناية بضحايا الحوادث والطوارئ في مستشفى حمد سعتها 12 سريراًَ.
مقارنة خدمات الإسعاف بين 1997 و2001:
1997 2001
سيارات الإسعاف 28 49
عدد المسعفين 66 209
عدد المرضى المنقولين 13665 21818
الأطباء في قسم الطوارئ 30 56
المسعفون الآن ليسو سواقين فحسب ولكنهم كوادرُ مدربة على أحدث وسائل الإسعاف من حقن وأجهزة تنفس وتدليك للقلب.
معدل وقت الاستجابة في الدوحة 8.06 دقائق وخارج الدوحة 9.64 دقيقة.
طوارئ الأطفال:
الكل يعرف الزحمة على طوارئ السد للأطفال ولكن الغريب أن هناك من صرح للصحافة متسائلاً قبل أيام "هل يعقل أن يكون في الدولة مركز واحد لطوارئ الأطفال؟". الجواب لا. ولكن:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
فالذي لا يدري يجب أن يسأل الذي يدري قبل أن يصرح!
لقد فتحنا في الخور والوكرة السنة الماضية 2001 مركزين لطوارئ الأطفال يقدمان العلاج للأطفال خلال 24 ساعة.
وقد صل عدد الأطفال الذين تم علاجهم في شهر ديسمبر من سنة 2001:
ديسمبر 2001 شهريا
الخور (بدأ 3/2001) 2187 2000
الوكرة (بدأ 7/2001) 1688 1500
ونعمل على إنشاء طوارئ أطفال في الريان الذي سيفتح خلال شهرين بعون الله. عندنا خطط لإنشاء غرف طوارئ للأطفال والكبار في المراكز المزدحمة في الدوحة. وطبعاً المستشفيات في الشمال والجنوب ومستشفى الأطفال ستساعد كثيراً على العناية بالأطفال إن شاء الله.
أما عدد المرضى الذين عولجوا في غرف الطوارئ الجديدة خارج الدوحة للكبار:
سنة 2000 سنة 2001 شهريا
الكعبان: بدأ 12/1999 988 1735 160
الخور: بدأ 10/1999 1730 2702 300
الوكرة: بدأ 6/2000 1234 (7 أشهر) 2616 400
قائمة الإنجازات:
لا أستطيع أن أسرد جميع الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الثلاث الماضية لأنها ستطول وقد يكون سردها مملاً للبعض ولذلك سأذكر بعضها وأقدم لكم قائمة مطبوعة للإنجازات. ولا أقصد من هذه القائمة أن أفاخر بما حققته وزارة الصحة ومؤسسة حمد الطبية ولكن من الإنصاف أن نقارن أنفسنا بوزارات الدولة ومؤسساتها فهل تمت إنجازات بهذا الكم خلال السنوات الثلاث الماضية في أي وزارة من وزارات الدولة؟ قد لا يكون السبب في كثرة إنجازاتنا أننا أحسن من غيرنا ولكن قد يكون السبب أن الصحة كانت متأخرة سابقاً وأتيحت لنا الآن الفرصة لمواكبة التطور واللحاق بالقطار.
ومما يؤكد أننا كنا نَعي ما نريد منذ أكثر من 14 سنة عثوري في الملف على رسالة مني موجهةٍ إلى الأخ سعادة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أطلب منه المساعدة في تخصيص أراضٍ للصحة لمشاريع مستقبلية، ولم تكن الرسالة موجهةٌ له لمّا كان وزيراً للبلدية، ولكن لما كان مديراً لمكتب وزير البلدية سنة 1988 (أرفق لكم نسخة منها). ولقد ذكرت فيها حاجة الصحة خلال 10-20 سنة القادمة آنذاك إلى:
مستشفى للأطفال – مركز للقلب - مركز لعلاج السرطان- مستشفى للأمراض النفسية – مركز للحوادث والكسور - مدرسة للتمريض- توسعة للعيادة الخارجية – طوابق لمواقف السيارات – مستشفيات في الخور ودخان وامسعيد – مركز لعلاج الإدمان.
وفي 3/4/1991 رفعت مذكرة للسلطات العليا عن حاجة قطر إلى مستشفيات (أرفقها لكم) ذكرت فيها حاجتنا إلى مستشفيات واقترحت التاريخ المناسب للبدء في تنفيذها :
المستشفى المطلوب سنة التنفيذ
مستشفى الأطفال 1991
مستشفى الشمال 1992
مستشفى جنوب الدوحة 2000
مستشفى شمال مدينة الدوحة 2010
ولكن نقص إيرادات الدولة بعد حرب الخليج حال دون التنفيذ.
ففي قائمة إنجازاتنا التالية تجدون أن بعض ما خططنا له قد أنجز وبعضه قيد التنفيذ وبعضه يخطط له وهي كما يلي:
منشئات تم إنجازها:
تحديث مستشفى الرميلة وإضافة 3 غرف عمليات جديدة بجانب غرفتين سابقتين :1998
مبنى العيادة الخارجية الجديد 6/1999
عيادة الأسنان 7/1999
مركز الأطراف الصناعية : 6/1999
مركز حمد الدولي للتدريب الطبي :1999
قسم العلاج الطبيعي الجديد 10/1999
وحدة الرنين المغناطيسي 12/1999
وحدة العناية المركزة للإصابات والحوادث بسعة 12 سرير :2000
وحدة معالجة المخلفات الطبية 8/2000
مختبر تجميد الدم 10/2000
خدمات جديدة:
قسم جراحة الوجه والفكين: 1998
قسم علاج العقم :1998
زراعة النخاع العظمي لمرضى السرطان : 8/1998
زراعة القوقعة للأطفال الصم 6/1999
وحدة العلاج الكيماوي: 10/1999
عيادة القدم 1/2002
خدمات جديدة في قسم القلب:
زراعة اللولب وتوسيع الشرايين بدون عملية جراحية
تقنية جديدة للعمليات الجراحية للقلب كاستعمال شرايين اليد والعمليات بدون توقف القلب.
إنشاء قسم علاج العيوب الخلقية وجراحة القلب للأطفال.
إنجازات في المراكز الصحية:
ذكرنا وحدات الطوارئ والإسعاف أعلاه.
عيادات تخصصية عديدة مثل: القلب ، السكري ، العيون ، الأذن والأنف والحجرة، الأشعة، الأمومة والطفولة.
عيادات القلب كانت 3 في المراكز أصبحت الآن في 7 مراكز العيون كانت 2 فصارت في 5 مراكز، والأذن والأنف والحجرة كانت 2 فصارت في 4 مراكز. لم تكن هناك عيادات للسكري في المراكز والآن عندنا عيادات في 15 مركزاً. وخدمات الأشعة الآن في 10 مراكز.
افتتاح مركز صحي في منطقة المطار 7/2000
افتتاح وحدة غسيل الكلى وأخرى للعلاج الطبيعي في مركز الوكرة 10/2001.
وقريباً مركز للأطفال يعمل 24 ساعة في الريان. كما أننا نخطط لفتح مراكز أخرى للأطفال في داخل المراكز الصحية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
مخطط لمراكز جديدة في الغرافة وعين خالد والوجبة والوسيل وأبو هامور والكرعان والجميلية والغويرية وأم باب
مشاريع معتمدة قيد التنفيذ:
مستشفى السرطان 85 سرير
مستشفى الشمال 112 سرير
سكن ممرضات في الشمال 120 غرفة
إنشاء مراكز برج مواقف السيارات 900 سيارة
وحدة العناية المركزة الطبية 20 سرير
مشاريع معتمدة قيد الإعداد:
مستشفى الجنوب 200 سرير
مستشفى القلب 96 سرير
مستشفى العظام والإصابات 130 سرير
مدرسة التمريض
مركز للتعليم الطبي
مقارنة الخدمات الصحية في قطر بدول مجلس التعاون:
أصدرت الأمانة الصحية لمجلس وزراء الصحة في الخليج كتيباً سنة 2000 تقارن فيه الخدمات الصحية في دول المجلس يسرنا أن نزودكم بنسخة منه يثبت أن نسبة وفيات الأطفال في قطر من أقل النسب وأن نسبة وفيات الأمهات في قطر أقل من أي دولة خليجية.
عدد الأطباء لكل 10.000 نسمة في قطر 20.1 وهي أعلى نسبة من جميع الدول الخليجية وتأتى بعدنا الإمارات 17.8.
المقارنة مع الدول المتقدمة:
1. بينت سابقاً أن نسبة علاج العقم في قطر أفضل من بريطانيا وأمريكا وكذلك وفيات الأمهات الأقل على مستوى العالم.
2. في مجال التطعيمات: قطر أول دولة تطعم أطفالها ضد مرض الجديري (العنكز) ، حتى اليوم لا أعرف أي دولة أخرى تفعل ذلك مجاناً لا في الخليج ولا خارجه.
3. نشرت مقارنة (عملية توسيع شرايين القلب) في قطر بيننا وبين أشهر معهد في الولايات المتحدة الأمريكية، المعهد القومي للقلب والرئتين والدم ، حيث كانت المقارنة بين حوالي 600 مريض في قطر بـ 800 مريض في أمريكا حصل على نفس العلاج بالبالون:
قطر الولايات المتحدة
نسبة النجاح 89% 90%
الوفاة 10000:16 10000:20
الحاجة لعملية جراحية عاجلة بعد التوسيع 1000:6 1000:50
قد يكون السر في أن نتائج قسم القلب في قطر أفضل من أحسن مركز عالمي هو أن الذين يوسعون شرايين القلب عندنا أستشاريون مؤهلون وفي تلك المراكز الشهيرة يقوم بها أطباء تحت التدريب يشرف عليهم استشاريون. ولكن مهما قلنا للناس إن عندنا كفاءاتٍ عاليةً وإننا قادرو على علاج القلب في قطر بكفاءة، يقول البعض: هل نحن مجانين نسلم قلوبنا لأطباء في الدوحة؟ فماذا نفعل؟ لا ليس ذلك جنوناً ولكن منتهى العقل والحكمة. والجنون نسبي قد يبدو العاقلُ للجاهل مجنوناً.
من الطرائف الأدبية أن الخليل بن أحمد الفراهيدي مخترع علم العروض (وهو أيضا خليجي الأصل) كان يدندن ويطرق على الطاولة في الغرفة وحدَه وهو يقطع ويزن قصيدةً لما دخل عليه ولدُه ورآه في تلك الحالة. ظن الولد أن أباه قد جن. فخرج يخبر أصدقاء أبيه أن يأتوا للمساعدة، فتجمع الأصدقاء واكتشفوا أن الخليل كان يخترع علماً جديدا وليس مجنوناً.
قال الخليل يعذل ابنه أي يلومه:
لو كنتَ تعلمُ ما أقولُ، عذَرتَني، أو كنتَ تعلمُ ما تقولَ، عـذلتُكا
لكن جهلتَ مقالتي فعذلَتَــني وعلمتُ أنكَ جاهلٌ فعــذرتُكا
مقارنة مع بريطانيا:
أفضل الخدمات الفندقية وأثمن المعدات الطبية وأفضل الرواتب في المستشفيات الخاصةفي الدول المتقدمة لا المستشفيات الحكومية المجانية. ولذلك إذا أردنا أن نقارن خدماتنا الصحية بالخدمات الصحية في بريطانيا فالمقارنة المنطقية بين مستشفياتنا والمستشفيات الحكومية لا الخاصة في بريطانيا. بل يجب أن نقارن بين خدماتنا المجانية والخدمات المجانية في الدول الأخرى.
أنا على ثقة تامة أننا نقدم أفضل خدمة حكومية مجانية في العالم كله. بل أتحدى أن يثبت أحدٌ عكس ذلك.
في لندن يحتاج الفرد بين ساعة إلى 5 ساعات انتظار للحصول على علاج في الطوارئ و 5 أيام للحصول على موعد في مستوصف أو مركز صحي (أما في قطر أما في قطر فيرى في الحال).
كان في مكتبي في 30/1/2001 فريق زائر من كبار أطباء الكلية الطبية الملكية البريطانية للاتفاق معنا على عرض امتحانات شهاداتهم الطبية في مؤسسة حمد. ودار الحديث معهم عن خدمات الصحة في بريطانيا، وتحدثوا معنا بصراحة:
في سنة 2000 وضع بلير 5 مليارات جنيه بغرض تقليص فترة الانتظار للعمليات الجراحية في مستشفيات الحكومة مثل عملية الركبة لمدة لا تزيد على 6 أشهر. وقال لي الأطباء لن ينجح في الخطة. (عندنا عملية مثل هذه تتم في خلال أسبوع أو أقل إذا دعت الضرورة).
فترة الانتظار لعملية الكتراك في العيون (الماية البيضاء) التي لا انتظار عليها في الدوحة تحتاج إلى 3 سنوات انتظار في بريطانيا، وإذا كان المريض أكبر من 65 سنة تعمل عملية لعين واحدة فقط لأنه لا يحتاج إلى عينين للرؤية . تقوم الآن شركات بنقل المرضى إلى الهند وجنوب أفريقيا للعملية والعودة خلال 4 أيام بتكلفة أقل من نصف تكلفة القطاع الخاص في بريطانيا.
وافقت الحكومة البريطانية أخيراً على دفع فواتيرة العمليات الجراحية التي تتم في أوربا لرعاياها لأنها لا تستطيع أن تقلل فترة الانتظار.
مع ذلك فالراضون عن الخدمات الطبية في بريطانيا 25% في حين أن الراضين في أمريكا أكثر الدول تطوراً في الطب 14% وذلك لأنه لا يحصل الفقير على علاج مجاني في أمريكا والتأمين لا يشمل كل الناس ومستشفيات الحكومة للعسكريين فقط وتندر مستشفيات حكومية لغيرهم. وإن وجدت فليست مجانية.
التذمر ونقد المستشفيات ظاهرة عالمية نقرؤها في الصحف في اليابان وأوربا وأمريكا.
أما الراضون عن خدماتنا الصحية فحسب الاستبيانات الدورية هي كالآتي: أن الرضا عن خدمات مستشفى حمد 74% وعن مستشفى النساء 85% وعن مستشفى الرميلة 87%. والرضا عن العلاج والأطباء بلغت 92%. أرقام قد يصعب على الناس تصديقها ولكن ملفاتنا تلك مفتوحة لذي المهنة والخبرة لفحصها.
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمدٍ وينكر الفمُ طعم الماءِ من سَقمِ
ولا أُنكر أن رضا الناس عن الطعام والتليفونات ومواقف السيارات متدنية ونعمل على حلها.
أما المستشفيات البريطانية الفندقية الخاصة التي ينظر إليها بعض الناس هنا وكأنها جنة الفردوس فليست معصومة من الأخطاء الطبية والتشخيص الخاطئ والدواء غير المناسب، كان بعض المرضى القطريون ضحايا لها. وعندنا أيضاً قوائم بتلك الحالات وأسماء المرضى. بعضهم سكت وبعضهم أشتكى عندنا وبعضهم طالبنا برفع دعوى قضائية في بريطانيا وبعضهم اعتبر الأمر قضاءً وقدراً ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأخطاء الطبية:
لا أريد أن أقلل من قدرة الآخرين ولكن كلَّ إنسان يعمل معرضٌ للخطأ طبيباً كان أو مهندساً أو غيرهما ولا ننكر أن الخطأ يحدث في كل مكان من العالم بما في ذلك قطر ولكن عندنا نظم ولجان تبحث في الأخطاء وتتخذ الإجراءات المناسبة لتلافي الأخطاء والذي لا نتهاون فيه هو الإهمال. كل مريض يتوفاه الله في مستشفياتنا تقوم لجنة مختصة لجنة تحسين الجودة للقسم تبحث عن أسباب الوفاة وإذا وقعت لمريض مضاعفات طبية أخرت شفاءه تقوم اللجنة بالتحقيق في حالته. وليس الهدف من البحث ودراسة الأخطاء الطبية هو العقاب فالعقاب يعتمد على جسامة الخطأ أو إهمال الاحتياطات المتعارف عليها طبياً، ولكن الهدف الرئيسي من التحقيق في الأخطاء ودراستها مناقشتها في قاعة تضم العديد من الأطباء الاستشاريين والمتدربين كي يتدارسوها حتى لا يقعوا فيها أو يكرروها فبذلك تعم الفائدة كل المستشفى والمهنة.
حادثة شخصية:حدث لي وأنا أتدرب في جامعة أورجن الأمريكية أن أدخلت المستشفى مريضاً وقد انكمشت إحدى رئتيه وطلبت الجراح المسؤول أن يعلمني ويساعدني في وضع أنبوبة في الصدر لسحب الهواء وهو العلاج الوحيد لانكماش الرئة. علقت الممرضة الصورة أمامنا وبدأنا في إدخال الأنبوبة في الجهة اليمنى كما دلتنا صورة الأشعة. وبعد أن أدخلنا الأنبوبة اكتشفنا أننا وضعناها في الجهة السليمة وذلك لأن الممرضة وضعت لنا الصورة مقلوبة وفي حالة انكماش إحدى الرئتين يصعب التفريق بين اليمنى واليسرى لغير الحاذق والذي ينتبه للعلامة التي كتبها الفني على الصورة. اعتذرت للمريض، فقبل اعتذاري، ووضعنا أنبوبة أخرى في الجهة الصحيحة. ورجعت متأثراً للخطأ أكرر اعتذاري للمريض الأمريكي الذي أشفق علي وقال: "أردت أن تنقذ حياتي ووقع خطأ غير مقصود وأنا الآن بخير وعلى قيد الحياة فأرجو أن تنسى الموضوع ولا تكرر الاعتذار". في اليوم التالي قدمت الحالة وكيفية وقوع الخطأ بالصور تبرعاً مني في مؤتمر طبي يضم خمسين طبيباً ولم يكن مطلوباً مني آنذاك أن اقدم الحالة ولكني فعلت ذلك حتى لا يقع أحد زملائي في مثل ذلك الخطأ. ولقد شكرني الزملاء على شرح كيفية وقوع الخطأ، واثنوا على صراحتي وكان فإمكاني أن لا افضح نفسي. ولن أنسى تلك الحادثة مدى الحياة، ولم أكررها، كما انتبه لإمكانية مثل ذلك الخطأ خمسون طبيباً.تلك هي الفائدة من البحث عن الأخطاء الطبية.
فقد تحدث أخطاء خارج قدرة الإنسان، وقد يكون ما يسميه المريض خطأ طبياً هو من جسم المريض ومرضه ومناعته. فقد يصاب مريض السكري بالتهاب في مكان الجرح بعد عملية جراحية مهما أخذ الطبيب احتياطاته لأن مريض السكري معرض لمثل ذلك بسبب مرضه وقلة حصانته. وقد أخطأ الشاعر البحتري عندما لام الطبيب في مثل هذه الحالة حيث قال:
إذا ما الجُرحُ رُمَّ على فسادٍ تَبَينَ فيهِ تَفريطُ الطبيبِ
وأحسن منه ما قاله صاحبنا ابن دريد:
وأرى الطبيبَ بطبه ودوائه لا يستطيع دفاعَ مكروهٍ أتى
أما ابن الرومي فأفتى أن خطأ الطبيب قضاء وقدر:
والناسُ يَلْحونَ الطبيبَ وإنما خطأُ الطبيبِ إصابةُ الأقدارِ
العلاج في الخارج:
الأسباب التي تحتم علينا العمل للحد من انفلات مشكلة العلاج في الخارج:
-
لا نحتاج إلي العلاج في الخارج الآن إلا في حالات قليلة نسبياً.
-
العلاج في الخارج يقلل الخبرة الجراحية والعلاجية محلياً.
-
يضعف الثقة في كوادرنا المحلية.
-
تبذير للموارد الوطنية التي نصرفها على مستشفيات أجنبية التي يمكن أن نحسن بها خدمات الصحية في الداخل.
الصرف على العلاج في الخارج:
1. صرفنا خلال الـ 13 سنة الماضية 1.716.527.236 ريال قطري أي مليار و716 مليون ريال كان في إمكاننا أن نبني فيها 12 مستشفى في قطر.
2. وصرفنا في سنة 1994 260 مليون!
3. صرفنا السنة الماضية (2001) 82 مليون ريال قطري (الفرق 178 مليون بين سنة 94 و2001).
هل العلاج في الخارج أفضل؟
.قد يكون وقد لا يكون.
أنا قادرٌ على أن أعالج مريضَ قلب يعاني من ألم في الصدر. ولكن إذا سألني المريض هل هناك مركز في العالم أفضل من مستشفى حمد وطبيب في العالم أفضل منك لعلاج هذا المرض؟ فبصراحة سأقول له نعم. هناك الكثيرون أحسن مني. يستطيع أن يذهب إليهم على نفقته إذا شاء، ولكن ليس من المنطق أن يُرسل على نفقة الدولة لأنه يريد رأي أشهر طبيب في العالم. ولو كان العلاج مقصوراً على من له خبرةٌ وشهرة أكثر لما اكتسب بقية الأطباء خبرةً و لانقرضت مهنة الطب، لأن أساس الطب الممارسة. نحن في حاجة إلى أن نطور خِدْماتِنا بالممارسة أيضا. إذا رفض المرضى عملية زراعة المفصل في الدوحة فلن تكون هذه الخدمة متوافرة محلياً.
أما إذا كان هناك نقص في معدات معينة أو خبرة ضرورية غير متوفرة لعلاج فلا نغامر على حساب صحة الإنسان بل نرسله إلى مركز تتوافر في الوسائل المطلوبة للعلاج.
اللجنة الطبية:
هناك لجنتان طبيتان من كبار المختصين الأولى لجنة القسم، كلجنة الباطنية أو الجراحة، تبحث حالة المريض بناءً على اقتراح الطبيب المعالج أو طلب المريض التحويل إلى الخارج. ترفع لجنة القسم توصيتها للجنة الطبية العليا بتوافر العلاج في القسم أو عدمه. تنظر اللجنة العليا في الحالة المرضية للمريض بدون معرفة اسمه. وتقرر إن كان العلاج متوافراً في المستشفى أم لا. يرأس اللجنة العليا أحد كبار الأطباء لفترة شهرين أو ثلاثة حسب جدول معد سابقاً ويغير الرئيس حتى لا يعرف الناس رئيس اللجنة ويلاحق بالواسطات. لذلك فقرار اللجنة طبي بحتٌ لا علاقة له بمركز المريض أو بالواسطات.
التذمر وطلب العلاج في الخارج:
متى يَبْلُغُ البنيانُ يوماً تمامَهُ إذا كنت تبنيهِ وغيرُك يَهدِمُ
التركيز على السلبيات في وسائل العلام تشويق للقارئ والمستمع ويرفع مبيعات الصحف ولكن زعزعةَ الثقة ضررٌ على تقدم وتطور الطب وضرر على اقتصاد الفرد والمجتمع. الضرر على الفقير أكثر، فقد يضطر الفقير أن يبيع حلاله ليسافر عندما يسمع أن العمليات في قطر خطرٌ والعلاجَ غلطٌ والجراحين جزارون. ينفق ماله للحصول على علاج في الخارج بينما هو متوافر مجاناً في بلده.
ولا تنفع كل نصائح أطبائنا عندما يشعر المريض أنه في حاجة إلى السفر لأنه لا يثق في أطباء المؤسسة. يبذل كل جهد ويجادل الأطباء ولا يقبل سماع رأي مخالف لما اقتنع به.
وكما قال الشاعر: صاحبُ الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاها
لقد سافر مرضى على نفقاتهم لإجراء عمليات عادية ومتوافرة يومياً في الدوحة. وقيل لهم إن التكلفة في الخارج لا تزيد عن 20 ألف ريال ولم يدركوا أنه ليس في الطب علاج مضمون 100% حتى في أشهر المستشفيات. فوقعت لهم مضاعفات فخسروا ما عندهم وكادوا يخسرون حياتهم. وبذلت وزارة الصحة كل إمكانياتها لمساعدتهم حسب القوانين والنظم.
وعندنا حالات كثيرة ومصائبُ وقعت لمواطنين تركوا ما أنعم الله عليهم به في بلدهم وذهبوا يبحثون عن الطب التجاري في الخارج. خلال السنوات الثلاث الماضية انتقل إلى رحمة الله 76 قطرياً ذهبوا أو أرسلوا للعلاج في الخارج.
أعرف مريضاً رفض العلاج في مستشفى حمد ووقع على تحمل مسؤولية قراره وسافر إلى لندن على نفقته خلافا لرأي الأطباء فتدهورت حالته في الطائرة وأنزل في أقرب دولة في الطريق ودخل في غيبوبة تكلفت وزارة الصحة ما يقارب المليون ريالٍ لإنقاذه ورعايته حتى تحسن بعد أسابيع وسافر إلى لندن للعلاج فتم تشخيص مرضه خطأً بأنه التهاب فطري ووصفت له أدوية عاد بها إلى قطر على أجهزة ميكانيكية للتنفس الصناعي وفي قطر فقط أكتشف مرضه الحقيقي وهو السل فأوقف علاج لندن وعولج من جديد فكتب له الله الصحة.
هذا هو وضع مؤسسة حمد الطبية التي يقدم العاملون بها مع شروقِ شمسِ كل يوم شيئاً جديداً لخدمة الناس لا يطلبون جزاءً ولا شكورا، ولكنهم يتعرضون للإساءة والتشهير لأسباب مختلقة أو تافهة. الأخطاء البسيطة تضخم وتنشر والمنجزات الحميدةُ تطمس. فرحم الله المعري حيث قال:
أعوذ بالله من قومٍ إذا سمِعوا خيراً أسروهُ، أو شراً أذاعوهُ