الوالد الشيخ حميد بن محمد
154. مجالسُـه مكـتظَّةٌ كـلَّ سـاعةٍ وسُفــرَتُهُ مفروشَةٌ لا تــــفارقُ
155. فيَلقى ببشْرٍ ثـم رِفْـدٍ ضـيوفَهُ عفـيفٌ تقـيٌّ وهو باللهِ نــــاطقُ
156. أبوكمْ حُميدٌ كـان فخـراً لقومِكم به الجودُ يُطرى والأكفُّ الـــدوافقُ
157. كريمٌ فما في الكـفِّ ليـس لنفسهِ وما عاقََ بسطَ الكفِّ للشيــخِ عائقُ
158. نبيلٌ فمَن في النُّبلِ مــثلُ أبيكمُ؟ له النُّبلُ طبعٌ والطِّـباعُ ســــلائقُ
159. ومن نبله إسعافُ أحــمدَ والدي وقـد يَبِست أطـــرافُه والمـرافقُ
160. وصار كعودٍ أصفرٍ فــي فراشِهِ يحسُّ بقربِ الموتِ والدمـــعُ دافقُ
161. فأدخلــهُ سيّارةً ومـضــى به إلى حيثُ (ماكولي) بـ(بُصْفارَ) حاذقُ
162. ولازمَــه حـــتى أتمَّ علاجَه فهل مثلُ ذاك الشيـــخِ خلٌّ مرافقُ؟
163. حُميدٌ عظيمُ الرِّفـدِ من غيـرِ منّةٍ فما ردَّ من يأتي وما خـــابَ طارقُ
164. أما جاءَه شيـخٌ ليطــلبَ ثوبهُ؟ وقال: "أُريدُ الآنَ فالـــعـيدُ لاحقُ"
165. فأرسلكمْ بالثـوبِ للشيـخِ مســرعاً فشيخُكمُ يا صاحِ للبـخـــلِ ماحقُ
166. سمِعتُ أبي يُثني على الشيخِ خلِّهِ حُميدٍ وشيخي يا صديقيَ صـــادقُ
167. فلو عَـدَّدتْ كلُّ القواسمِ مـجدَها لعدَّت حُميداً بين مَن هو ســــابقُ
168. وما قلتُ هذا الشـعرَ مـدحاً لوالدٍ ولكنَّهُ حُــــبٌّ بقــلبيَ عــالقُ
169. فأخـلاقُهُ أمـلتْ بـلا جَهدِ شاعرٍ وشعريَ قـد أملـتهُ تــلكَ الخلائقُ
الشرح:
153. حميد: الشيخ حميد بن محمد بن سالم القاسمي، توفي سنة 1998 وهو والد أحمد أبي طارق.
159 -161. في سنة 1954 أصيب والد الشاعر الشيخ أحمد بن حجر بالبصفار، واستفحل المرض، ففقد الشهية، ونحل نحولاً شديداً حتى عجز عن المشي والحركة، وكاد أن يموت لولا أن الشيخ حميداً حمله في سيارة إلى دبي، وعرضه على طبيب أجنبي يسمى (ماكولي)، عالجه بالحقن العضلية والوريدية لمدة أسبوعين، حتى استعاد بعض قواه. ثم نصحه بالسفر إلى الكويت لإجراء عملية جراحية. وكان الشيخ حميد في دبي مع صاحبه خلال تلك المدة. ثم سافر الشيخ أحمد إلى الكويت حيث استخرجت حصاة من مرارته.
164.عاد الشيخ حميد يوماً من المسجد، وإذا على بابه أحد رؤساء القبائل المعروفة في انتظاره. فسلم وقال للشيخ حميد: "ما جئتك من أجل السلام، ولكن أريد ثوباً للعيد في صباح الغد". فرحب الشيخ به، ودخل منزله فخلع ثوبه وأرسله للرجل مع ابنه أحمد. ولم يكن عند الشيخ ثوب آخر جاهز للّباس، فلم يستطع الخروج لمجالسة ضيوفه في المجلس. فاضطر إلى أن يجلس داخل البيت حتى غسل ثوبه الثاني وجفف.