التحول
438. سكنّا خيـامَ الخُوصِ قـربَ سَفــينِنا وإن حَلَّ فصلُ الصيفِ حُلنا إلى النخلِ
439. ونُكري ركابَ البــدوِ تنقلُ قَشَّــنا وقد ناءتِ البُعرانُ مــن ثِقَلِ الحَـمْلِ
440. نعلِّقُ جِفْراناً بجـــنـبيْ سَنامِـها وجَرّاتُنا مالتْ عــلى جانبِ الرَّحـلِ
441. وخَرْسَينِ مــالا من سَنامِ مـــطـيَّةٍ كقرطي فتاةٍ زيَّناهــا عن العُطْــلِ
442. وفَرشٍ مـــن السَّجّادِ فوقَ سنامِها كرَحلٍ مــن الدِّيباجِ شُبِّــطَ للنَّقْلِ
443. ورَنَّتْ قُــدورُ الطَّبخِ تَعزِفُ نغْمَــةً تُسلِّي جمالَ البدوِ مـن وَحْشةِ السُّبْلِ
444. ويُمـــسِكُ خَطْمَ العَوْدِ جمَّالُ ركبِنا وما خافَ شوكَ الدَّربِ يمشي بلا نعْلِ
445. ولكنَّهُ فـــي الكتْفِ علَّقَ صَـمْعَةً وفي مِحزمِ الطلْقاتِ شـدَّ على النَّصْلِ
446. وأسدلَ شـعرَ الرأسِ فوقَ سَوالِفٍ ولمَّعَهُ بالدُّهـنِ أو قطـرةِ الحَــلِّ
447. وبانَ عـلى العــيـنينِ آثـارُ أَثْــمدٍ وما قصَدَ التجــميلَ في ذلك الكُحْلِ
448. بلِ القَصدُ حِفظُ العينِ والشَّوفِ عندَهم وما الكُحلُ عندَ البدوِ عيبٌ عـلى الفحلِ
449. وطوَّقَ حــولَ الرأسِ شـالاً مُزَخرَفاً ودسَّ بـهِ المِدواخَ للدَّوخِ في الظِّـلِ
450. فمِدواخُهُ كُوزٌ من البــحـررِ أبيضٌ يدوخُ بـه ( التُمْباكَ) من قلَّةِ العـقلِ
451. ولكنَّهُ واللهِ شـهـــمٌ وصــادِقٌ ومن أُخوةِ الأجوادِ والفضــلِ والنُّبْـلِ
452. لهمْ سُبلٌ في العيشِ واللُّبسِ والقِرى فنَعرِفُهم بالنُّـطـقِ والزَّيِّ والشَّكـلِ
453. وأمسكَ حادينا خــطـــامَ بـعيرهِ وجُرْزٌ بيسراهُ يــخـيفُ به مـثلي
454. فيشدو وطــولَ الدَّربِ يَحدو مطيّهُ فتتبعُهُ طوعاً ولـو مــدَّ بالحـبـلِ
455. وتنقلُ سلاَّتِ النِّســاءِ حـميرُنـا وبُقشاتُها في الخُرْجِ تبـرزُ كاليَحْـلِ
456. وتتبعُ أبـقارٌ بصَــمتٍ نَقــودُها تخورُ إذا حنّتْ إلى رُؤيةِ العِـــجْـلِ
457. وأغنامُــنا سِيــقتْ تسـيرُ وراءَنا وبانت خيوطُ الحِرْزِ فـي عُنُقِ السَّخلِ
458. ويتبعُ كلــبُ الدَّارِ أغنــامَ ركبِنا ويحرُسُها من غدرِ ذيبِ ومن نَشـلِ
459. وأسُرِعُ أحــياناً إلى الكلبِ راكضاً فتسحبُني أُخْتي فأمشي مــع الرَّجْلِ
460. ويَجلِسُ من قد شــابَ تحتَ مظلّةٍ تقيهِ هجيرَ الشمسِ وهْوَ على البغـلِ
461. ولمّا مشينا ســــاعةً لاحَ قُــربَنا سَرابٌ كماءِ البحرِ أو خورِنا الضحْلِ
462. وما كنـتُ أَدري مـا السَّرابُ لأنَّني صغيرٌ قُبيلَ السَّبْعِ لم يكتملْ عـقلـي
463. وقـد فسَّرُوهُ بالخَـيالِ تصــوغُهُ شياطينُ أو جِنٌّ فلم يُنقِصوا جـهلي
464. ولمــا دنـا الحُوَّالُ قربَ عَريشِنـا أناخوا وحطُّوا الحَملَ عن أظـهرِ الإبلِ
465. ففــي (شِمَلِ) الأخوالِ طـابَ مَقيظُنا وأسعَدَ لمُّ الشَمْلِ فـي (شِمــَلٍ) أهلي
الشرح:
438. خيام الخوص: خيام مصنوعة من سعف النخل، تسكن شتاءً، مفردها خيمة: وهي غرفة جدرانها جريد كامل الخوص وسقفها مرتفع في الوسط ومائل على الطرفين ليناسب نزول المطر. أما العريش فيسكن صيفاً وجريد جدرانه منزوع الخوص في الثلث الأسفل ليسهل دخول الهواء، وسقفه موازي للإرض لندرة سقوط الأمطار صيفاً. حُلنا: تحولنا . قال الأعشى:
وإن بَشَرٌ يوماً أحالَ بوجْههِ عليك فَحُلْ عنْهُ وإن كان دانيا
439. نكري: نستأجر والكِرْوَة: الأجرة . رِكَاب: جمال. القَشّ: العفش والأثاث (خليج). وفي اللغة القشّ ما يُكْنَس من المنازل (لسان العرب). ناء: نهض بجهد ومشقّة.
440. الجِفْران: جمع جَفير: سلة من خوص أو غضف لها عروتان (خليج) وفي اللغة الجَفير: جعبة من خشب لا جلود لها أو من جلود لا خشب لها . والقفير: الزنبيل (المنجد). وقد يكون أصل كلمة جفير الخليجية قفير حيث إننا نقلب القاف جيماً أحياناً، فنقول جاسم بدلاً من قاسم وجربة بدلاً من قِرْبة، ولكن جفيراً كلمة فصيحة أيضًا وقد وردت في الشعر الجاهلي مثل قول عنترة:
وهل يدري جُرَيَّةُ أن نَبْلي يكونُ جفيرَها البطلُ النجيدُ
فالجفير هنا الجعبة التي توضع فيها النبال، وقد يكون قلب القاف جيما في لغة أهل الخليج له أصل في لغات العرب القديمة، وما استعمال قفير وجفير بمعنى واحد إلا دليل على ذلك. الرَحْل: ما يوضع على ظهر البعير كالسرج أو الأثاث.
441. الخَرْسان: مثنى خَرْس وهو الدن من الخزف. العطل: الخلو من الزينة.
442. الديباج: الحرير. شبّط: ربط وثبت (خليج). وشبّط العيدانَ بالحبل: حزمها بشدة، وليس لشبّط أصل في الفصحى. وفي اليمن يقال للحاكم الحازم: لديه شبط وربط (المعجم اليمني في اللغة والتراث). 443. رنَّ: صوّتَ. السُبل: الطرق.
444. العَوْد: البعير المسن.
445. صمعة: نوع من أنواع البنادق القديمة. المحزم: الحزام. الطلقات: رصاص البندقية. النصل: نصل الخنجر حيث إنه من عادة بدو رأس الخيمة حمل البندقية والتحزم بالخنجر خارج البيت.
446. السوالف: جمع سالفة وهي صفحة العنق أسفل الأذن. الدهن: السمن. الحل: الزيت.
447. أثمد: مسحوق أسود حجري الأصل يستعمل للكحل ويلفظ بفتح الهمزة والميم في الخليج، وفي اللغة بضمهما أو كسرهما.
448. الشوف: النظر، وشاف الشيء: رآه، وفي المثل الخليجي "شوفٍ بليّا ذوق ما يروي العطشان"، كما اشتق من الشوف الشيفة: النظرة وسيماء الوجه، ولذلك قيل "الشيفة شيفة والمعاني ضعيفة" (خليج) وفي اللغة شاف الشيء: جلاه، واشتاف فلانٌ: تطاول ونظر (لسان العرب) ولقد أقر المجمع اللغوي المعنى الخليجي والمستعمل بنفس المعنى في اليمن حيث إن شاف يشوفُ شوفاُ: نظر. وشوف بمعنى أفهم أيضاً. شوف يا فلان، ما تشوف؟ (المعجم اليمني في اللغة والتراث).
449. الشال: غترة غليظة (خليج). دسَّ: خبّأ. المدواخ: آلة التدخين (خليج) وهي (البايب).
450. كوز: إسطوانة محارية حلزونية الشكل تغطي جسم حيوان بحري صغير (خليج). (كان البدو يستعملون كوزاً حلزوني الشكل طوله بين ثلاث إلى أربع بوصات وقطره حوالي بوصة يضعون التبغ في الطرف الأكبر ويسحبون الدخان من الطرف الأصغر). يدوخ: يدخن (خليج). التمباك: التبغ.
453. الجرز: سلاح شبيه بالفأس ولكنه صغير يوضع في طرف العصا (خليج) ، وفي اللغة جرزَ: قطع أو قتل (المنجد)، والجُرزُ: من السلاح والجمع الجرزة (كتاب العين).
454. يحدو: يسوق الإبل ويغني لها.
455. البقشات جمع بُقْشة: حزمة أو صرة من الثياب (خليج) وفي بعض الدول العربية الشمالية تسمّى بُقْجة وهي معربة من أصل تركي (المنجد). الخُرْج: مشتقة من "خرْجَة " وهي قطعة قماش على ظهر الحمار (خليج) والخُرْج: وعاء يوضع على ظهر الدابة (المنجد). اليَحْل جمع يَحلة: جرة من خزف لها بطن كروي (خليج). وأصل الكلمة جَحْلة وجَحْل: الزق الكبير (المنجد). الجَحْلة: الجزء المكور من الإناء الذي يفصل عنه عنقه (المعجم اليمني في اللغة والتراث). بَرَزَ: خرج.
459. الرَّجل: المشاة خلاف الراكبين على الدواب.
460. شابَ: خالطه الشيب.
464. الحوّال: المتحولون من مكان إلى آخر (خليج).
465. شِمَل: اسم منطقة نخيل في رأس الخيمة كانت تسكن صيفاً. المقيظ: المصيف.