top of page

                أيلــــول الأســود

قصة القصيدة: سمع الشاعر في الساعة 10 مساء، وهو يقود سيارته إلى مدينة دنفر Denver حيث كان يسكن أثناء دراسته في كلية الطب، قادماً من بولدر Boulder، المدينة التي قضى فيها سنوات الدراسة الجامعية، أي مرحلة الطب التمهيدي أو ما قبل الطب في ولاية كولورادوColorado ... سمع المذيع الأمريكي في الراديو يذكر أحداث أيلول الأسود في الأردن في ذلك اليوم، ويقول: لقد قُتل اليوم آلاف من الفلسطينيين، ولم يتحرك العرب، ولم يتظاهر شعبٌ واحدٌ من الشعوب العربية استنكاراً للمجزرة..". فتأثر الشاعر كثيراً، وشعر بالقهر والمرارة، لا من الحكام العرب مثل الرئيس المحبوب جمال عبد الناصر وأحمد حسن البكر فحسب، بل حتى من الشعوب في الوطن العربي، وأخذته العبرة، ومنعته الدموع من مواصلة القيادة، فأوقف سيارته بجانب الطريق، وتفجرت مشاعره بأبيات اللعنات المذكورة أدناه.

وفي اليوم التالي قرأ القصيدة لبعض زملائه العرب فشاركوه نفس الشعور. ولكن لما قرأها لهم بعد سنة من الأحداث، اقترح أغلب الزملاء إتلافها، لأنها تعبر عن إحساسٍ آني ضيق، لا يليق بشخص ذي شعور وطني، بل قالوا له: "سيعاب عليك الاحتفاظ بأبيات مجحفة في حق الأمة، بسسب نزوةٍ عاطفية غيرِ مهذبة مثل تلك". ولكنه لم يتلف القصيدة لأنها كانت جزءًا من ذكرياته ومشاعره أيام الشباب والحياة الطلابية في الغربة، وانعكاسًا لما يحدث في الوطن على مشاعر الشاب المغترب في الولايات المتحدة آنذاك.

يا أمةَ  الآلامِ يا أمَّ  المقابرْ

إني لعنتُكِ في الضميرِ وفي المشاعرْ

ولعنت فيكِ  عروبتي

ولعنتُ إحساسي كشاعرْ

ولعنتُ مجداً لا أراهْ

ولعنت تاريخَ المآثرْ

ولعنت في بغدادَ أحمدْ

ولعنت في الأهرامِ ناصرْ

ولعنت نفسي إذ أعيشُ..

وموطني قبرُ المقابرْ

 

يا موطنَ النَكَساتِ.. 

يا أرضَ المقابرْ

إني كفرتُ بأمتي

وكفرتُ في كلّ المفاخرْ

24 سبتمبر 1971

 

وقبل أن ينام الشاعر قرأ القصيدة فأبكته فأضاف عليها:

 

إني أصيح لأنني

في أمتي يا ربِّ حائرْ

يا ويلتا

ما لاحَ لي أملٌ ولا بانت بشائرْ

فاغفرْ إلهي عثرتي

إن كنتُ يا مولاي عاثرْ

أنت العليمُ بما أكنْ

ولأنت أعلمُ بالسرائرْ

bottom of page