top of page

زواج ليلى

وَأَوقَدَ ناراً  في ذ  فُؤادِكَ   مُحرِقاً       غـَداتَئِذٍ   لِلبَينِ   أَسـفَعُ    نازِعُ1
شَحا  فاهُ   نُطقاً  بِالفِراقِ   كَأَنَّهُ        سَليبٌ حَريبٌ خَلفَهُ السِّربُ جازِعُ2
فَقُلتُ أَلا قَد بَيَّنَ الأَمرُ فَانصَرِف        فَقَد راعَنا  بِالبَيــنِ   قَبلَكَ   رائِعُ
سُقيتُ سِماماً  مِن غُرابٍ   فَإِنَّما        تَبَيَّنتُ ما حاوَلتَ  إِذ  أَنتَ واقِعُ
3

 وقال:
 
حبيبٌ نأى  عني  الزمانُ  بقربه      فصَّيرني  فرداً  بغير  حبيب
فلي قلبُ محزونٍ   وعقلُ  مدَّلهٍ      ووحشةُ مهجورٍ وذلُّ  غريبِ
4
فيا حِقبَ الأيام هل فيكِ مطمعٌ      لردِّ  حبيبٍ  أو لدفع  كروبِ؟5

ومن حكم المجنون قولُه:

فَلا خَيرَ في الدُّنيا إِذا أَنتَ لَم تَزُر       حَبيباً وَلَم يَطرَبْ إِلَيكَ حَبيبُ

وشبه ليلى بالقمر ولكن القمر يأفل، وليلى تنير الليل إن أفل القمر، وشبهها بالشمس إلا أن الشمس تقل عن حسن ليلى لأنها لا تملك فمَ ليلى وابتسامتها:

أنيري مكان  البدر إن  أفل  البدرُ     وقومي مقام الشمس ما استأخر الفجرُ
ففيك من الشمسِ المنيرة ضوءُها       وليس  لها   منك   التبــسم    والثغرُ

ويعزي نفسه أن ليلى ليست بعيدة عنه إن كان يكتنفهما نفس الليل وضوء النهار:

أليس الليل  يجمعني وليلى     كفاك بذاك  فيه  لنا  تدانِ
ترى وضحَ النهار كما أراهُ     ويعلوها النهارُ كما علاني

وردَّ على لوم أهله له قائلاً:

لَقَد لامَني  في حُبِّ  لَيلى أَقارِبي       أَبي وَابنُ عَمّي وَابنُ خالي  وَخالِيا
يَقولونَ  لَيلى  أَهلُ  بَيتِ  عَداوَةٍ        بِنَفسِيَ  لَيلى  مِن  عَدوٍّ  وَما  لِيا
أَرى  أَهلَ  لَيلى لا يُريدونَني  لَها       بِشَيءٍ   وَلا  أَهلي  يُريدونَها   لِيا
قَضى اللهُ بِالمَعروفِ مِنها  لِغَيرِنا       وَبِالشَّوقِ  وَالإِبعادِ مِنها قَضى لِيا

وكان يأملُ أن يسمعَ من يبشره بأن ليلى قد طُلقت:

عفا اللهُ عن ليلى  الغَداةَ   فإنها     إذا وليتْ حكماً عليَّ تجورُ
فما أكثرَ الأخبارَ أنْ قد تزوَّجت     فهل يأتينِّي بالطلاق بشيرُ

ومر يوماً بزوج ليلى (ورد بن محمد العقيلي) وهو جالسٌ يصطلي في يومٍ شاتٍ فقال له:

بربِّك هل ضممتَ إليك ليلى     قُبيلَ الصبحِ أو قبّلتَ فاها؟
وهل رفَّت عليكَ قرونُ ليلى     رفيفَ الأقحوانة في نداها؟
6


فقال: اللهم إذ حلّفتني فنعم. فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر فما فارقهما حتى سقط مغشيًّا عليه.

الشرح:  
1. أسفع: صفة للغراب، السَّفع: السواد. 
2. شحا فمه: فتحه. 
3. السمام: جمع السم القاتل.
4. المدلّه: الذي حيره الحب وأذهب عقله، والتدليه: ذهاب العقل من الهوى.
5. الحِقب: جمع حِقبة وهي زمن من الوقت أو سنون غير محدودة، أما الحُقب فثمانون سنة وتجمع على أحقاب.
6. قرون: جمع قَرن وهي الخصلة من الشعر. الأقحوانة: نبتة لها زهر أبيض طيب الريح وهو البابونج عند الفرس.

bottom of page