بحر امعيريض
مناسبة القصيدة: زار الشاعر مدينة امعيريض، مسقط رأسه، في رأس الخيمة من الإمارات العربية المتحدة، ورأى بيت طفولته ومجلسهم القديم الذي استعمله والده فضيلة الشيخ أحمد قاضي الديار آنذاك محكمة شرعية. وكان البيت مجاورًا لسيف للبحر. ولما عاد إلى الدوحة وتذكر أيام طفولته في امعيريض حنَّ إلى طفولته فكتب:
حننتُ إلى امعيريضَ أشكو من الهَجرِ أُراعي نجومَ الليلِ همًّا إلى الفجرِ
فأسكُبُ من عينيَّ دمعًا على الثرى تساقطَ كالأمـطارِ أو وابلِ القطْرِ
فما رخُصت يومًا قطيراتُ أدمعي وأحسبُها أغلى من الجــوهرِ البحري
وإن شتَّتَ الـدهرُ المشتِّتُ جمعَنا فما بَعُدت منا القلوبُ عن الذكرِ
وتشتدُّ أشواقي لذكرِ أحبَّتي وعهدِ الصِّبا واللهوِ في صُحبةِ البدرِ
ومجلِسُنا فخرُ الديارِ ومَعْلَمٌ بهِ سُلَّ سَيفُ العدلِ في ذلكَ الدهرِ
فأشهرَ سَيفَ العدلِ صقرٌ وأحمدُ فلمْ تخشَ شاةٌ في الديارِ من النمرِ
ذكرتكِ يا امعريضُ في البردِ والحرِّ ومنزِلَنا في الرملِ يرنو إلى البحرِ
يزورُ جِدارَ البيتِ في السقيِ موجُهُ وينأى عن الجُدرانِ غربًا مــع الثبرِ
تعوّدتُ أن ألقاهُ قُربَ حويِّنا إذا فاضَ فوقَ السِّيفِ في حملةِ الشهرِ
على السِّيفِ قدعجَّت محامِلُ في الضحى وحمْلاتُها البيضاءُ تُشرقُ كالزهرِ
عجِبتُ لسِيفِ الخَورِ، والزهرُ حولَهُ أتلكَ رمالُ البحرِ أم شاطئُ النهرِ؟
تذكرتُ ذاكَ السِّيفَ، والبحرُ ساكِنٌ أراهُ من الشبّاكِ في الصبحِ والعصرِ
وأسمَعُهُ في الليلِ يعزِفُ لحنَهُ فأغفو على الألحانِ أحلُمُ للفجرِ
ولمّا قضى الحكّام دفنًا لبحرِنا لبيعِ أراضي السِّيفِ والبحرِ والبرِّ
نأى بيتُنا عن بـحرِهِ بفراسخٍ فصارَ بأرضِ البدوِ عن موقعِ الحضرِ
فهل ضاقَ رحبُ البرِّ عن أرضِ مسكنٍ فتُغزى ضفافُ البحرِ في المدِّ والجزرِ؟