مع قناة الجزيرة عن التدخين
برنامج
بـلا حـدود
عن
خطورة التدخين على صحة الإنسان
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة هذه المرة من الدوحة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود). أرقام مخيفة وحقائق مرعبة تلك التي يسببها التدخين في مجتمعاتنا، وآثار مدمرة ورهيبة يتحملها المدخنون تجاه الفرد والأسرة والمجتمع، فعدد المدخنين في مصر -حسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية- ارتفع إلى ثلاثة عشر مليون مواطن مصري يمثلون نسبة 21% من عدد السكان، ويستهلكون ثمانين مليار سيجارة سنويًا، ويسببون خسائر اقتصادية لمصر تعادل مليون يوم عمل.
أما الحرائق فإن 30%منها يسببها المدخنون من خلال إلقاء أعقاب السجائر المشتعلة، وتتكلف الحكومة المصرية ثلاثة مليارات جنيه سنويًا تُنفق على علاج المدخنين، حيث يعاني 26% من المصريين من أمراض القلب المختلفة التي يتسبب التدخين في أغلبها، فيما تنفق الأسرة المصرية 5% من دخلها على السجائر، لذلك لم يتردد مفتي مصر في الإعلان في مارس الماضي عن حرمة التدخين، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حينما أشار إلى حق زوجة المدخن في طلب الطلاق للضرر.
أما السعوديون فإنهم يستهلكون سنويًا سجائر تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار تسببت في إصابة عشرات الآلاف من السعوديين بالأمراض السرطانية، حتى أن مستشفى الملك فيصل التخصصي-وهو من أكبر المستشفيات السعودية-قرر في نوفمبر الماضي البدء في مقاضاة شركات التبغ الدولية، ومطالبتها بمبلغ عشرة مليارات ريال تعويضًا عن النفقات التي تحملتها المستشفى لمعالجة عشرات الآلاف من مرضى من سرطان الرئة، وقد ركزت الدعوى على حقيقة خطيرة مفادها أن شركات السجائر الدولية تسوِّق للأسواق الخليجية والعربية سجائر تحتوي على كمية أكبر من النيكوتين والقطران عن تلك التي تسوّقها في الأسواق الأمريكية والأوروبية.
أما العراقيون فرغم أوضاعهم الاقتصادية المتردية والحصار المضروب عليهم فقد وصل عدد المدخنين منهم إلى سبعة ونصف مليون مدخن من بين عدد السكان البالغ اثنين وعشرين مليونًا ونصف المليون، وهؤلاء يسببون خسائر اقتصادية كبرى للعراق تقدر بمليارات الدنانير العراقية.
أما اللبنانيون فإن 57% منهم يدخنون، وينفقون على استهلاك السجائر سنويًا أربعمائة مليون دولار، ويقتل التدخين سنويًا ثلاثة آلاف وخمسمائة لبناني.
هذه الأرقام والإحصاءات هي على سبيل المثال لا الحصر، حيث تضعنا أما خطر داهم ومدمر لمجتمعاتنا نتعامل معه على أنه عادة نتعايش معها، لكن الأمر أكبر وأخطر من ذلك، وهذا ما سوف نتناوله في حلقة اليوم مع رجل نشأ منذ الصغر محاربًا للتدخين، وتخصص في أمراض القلب هو وزير الصحة القطري الدكتور حجر أحمد حجر البنعلي.
وُلد في قطر عام 1943م، تخرج من كلية الطب في جامعة كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1969م، وحصل منها على الدكتوراه في الطب عام 1973م، حيث عمل طبيب امتياز في جامعة (ميزوري) وطبيبًا مقيمًا في قسم الطب الباطني في جامعة (الأوريجون)، حيث حصل منها على (البورد) الأمريكي في في الطب الباطني عام 1977م، حصل على زمالة الكلية الأمريكية لأمراض القلب عام 1980م، وعلى زمالة الكلية الدولية لتصوير الأوعية الدموية عام 1985م، وعلى زمالة الجمعية الأوروبية لأمراض القلب عام 1990م، كما حصل عام 1993م على شهادة وميدالية من منظمة الصحة العالمية تقديرًا لجهوده في مكافحة التدخين.
عين وكيلاً لوزارة الصحة العامة القطرية عام 1981م وظل إلى العام 1993م، عُيِّن مديرًا عامًا لمؤسسة حمد الطبية عام 1991، ثم رئيسًا لمجلس إدارتها عام 1998م، وفي يناير 1999م عين وزيرًا للصحة في قطر.
إذن فنحن نحاور طبيبًا بارزًا في أمراض القلب والأوعية الدموية، ويوصف بأنه من أبرز وزراء الصحة العرب مقاومة للتدخين، وفوق كل ذلك فهو شاعر يتحفنا من آن لآخر بقصائده العذبة.
ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأنباء على الرقم التالي 00974 4888873 أما رقم الفاكس فهو 00974 4885999. دكتور مرحبًا بك.
د. حجر: أهلاً وسهلاً، شكرًا، خليني أصحح بس خطأ واحد، أول شيء أنت أسهبت في تقديمي وقلت لي اختصر في الإجابة، لكن أنا..
أحمد منصور [مقاطعًا]: أنا عادة هذه مقدمة أميز بها برنامجي، فأني أعرف ضيفي لأن ضيوفي دائمًا أناس متميزون، وأنت ليس لأنك وزير ولكن لأنك طبيب بالدرجة الأولى، طبيب متميز أيضًا فأحببت أن أقدمك للمشاهدين بالشكل الذي ينبغي أن أقدمك به. إذا لديك تصحيح أو تصويب.
د. حجر: لا، تصحيح فقط على محل الولادة أنا وُلدت في رأس الخيمة في الإمارات.
أحمد منصور: في الإمارات.
د. حجر: بس شكرًا.
أحمد منصور: شكرًا لك. هل يمكن -في البداية- أن تعطينا نبذة مختصرة لإفادة المشاهد -سواء المدخن أو غير المدخن- عن نشأة التدخين، أين نشأ؟ وكيف انتشر وأصبح ظاهرة عالمية بالشكل الذي نراه الآن؟
د. حجر: نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، أنت تعرف إن التدخين أول ما بدأ، أول ما اكتشفت أمريكا، كريستوفر كولومبس لما راح كان في منطقة كوبا الحالية، أول مرة رأى ناس يدخنون كانوا الهنود الحمر، فالأوروبيون بعدها بدؤوا يأخذون التبغ لكنه ما انتشر، أخذ مدة حوالي 150سنة إلى أن بدأ في الانتشار. استعمل في أوروبا كدواء. وإحنا عندنا خبرة في كثير من الأدوية -أيضًا- وبعض المخدرات اللي طلعت أول ما تخرج الناس يفكرونها دواء، فصار الانتشار على أن هذا علاج للأمراض. اللي زاده في القرن السابع عشر لما انتشر الطاعون في أوروبا كان الناس يفكرون - وبما فيهم أطباء تلك الأيام- بأن التبغ علاج للطاعون، فكانت في تلك السنة 1660م تقريبًا حوالي 700 باخرة في بريطانيا وصلت الميناء محملة كلها بالتبغ لعلاج الطاعون. هنا الفكرة بدأت تنتشر. لا أريد أسهب أكثر في الموضوع، إنما أقول بدأ التدخين أولاً عندهم -عند الأربيين- كعلاج ثم أصبح عادة ثم إدمان، وفي النهاية انتهى إلى المعرفة الحقيقية الآن بأنه سم قاتل.
أحمد منصور: دكتور، السجائر بتعتبر هي العنصر الأساسي في عملية التدخين، وهناك أشكال مختلفة للتدخين سوف نتناولها فيما بعد، لكن ما هي المواد الأساسية التي تتكون منها السيجارة؟ وما مدى تأثير هذا على صحة الإنسان؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: معالي الوزير، سؤالي عن مكونات السجائر ومدى تأثيرها على جسم الإنسان.
د. حجر: في دخان التبغ حوالي 6 آلاف مادة كيميائية.
أحمد منصور [مقاطعًا]: ستة آلاف!!
د. حجر: [مستأنفاً]: ست آلاف مادة كيميائية، اللي معروف ننها الآن كميائيًا نوعية المادة أربعة آلاف، وبها المواد المسرطنة.
أحمد منصور [مقاطعًا]: داخل السيجارة الواحدة؟!
د. حجر: هذا لما ينفخ الإنسان الدخان ويُحلل هذا الدخان -هذه المواد الموجودة في الدخان لا في السيجارة فحسب- منها ستين مادة -مثبتة- أنها تسبب سرطان، لكن المكونات الرئيسية هي ثلاثة: أول أكسيد الكربون وهي المادة السامة، وهي المادة اللي تؤثر على شرايين الجسم، ثم مادة النيكوتين وهي المادة المسؤولة عن الإدمان نفسه، فهي مادة الإدمان، بدونها لا يمكن الإنسان أن يدمن...
أحمد منصور [مقاطعًا]: هي التي تحول المدخن إلى مدمن.
د. حجر: [مستأنفاً]: إلى مدمن نعم، والمادة الثالثة الرئيسية هي القطران، اللي هم يقولون لك Tar ويسمى زفت أيضًا.
أحمد منصور: قطران أقل.
د. حجر: نعم.
أحمد منصور: دايمًا في الدعاية يعني..
د. حجر: هذا القطران أو الزفت هو في الحقيقة مجموعة من آلاف المواد مع بعض، خليط..
أحمد منصور [مقاطعًا]: نفسه اللي ترصف منه الطرق؟
د. حجر: [ضاحكًا]: لست عارفاً، أو أزفت. هذه المواد الثلاثة الرئيسية.
أحمد منصور: ما مدى تأثير هذه المواد على الجسم بشكل عام، ثم سنتطرق إلى الأجهزة المختلفة؟
د. حجر: نعم.. النيكوتين تعتبر من المواد المنبهة، وهي مادة الإدمان كما ذكرت، إن كنا إحنا نفكر أن الإنسان لازم يدخن مدة طويلة إلى أن يكون مدمن، في هذه السنة فقط بعض البحوث بينت إنه لا.. حتى يمكن ثلاث أربع مرات فقط الواحد يدخن.. فيصاب بالإدمان. أول أكسيد الكرون هذه المادة تؤثر على جدران الشرايين عامة، لما إحنا نتكلم عن جسم الإنسان، الجسم ما فيه عضو يخلو من الشرايين، الكبيرة والصغيرة، لذلك لما تريد نتكلم عن موضوع أضرار التدخين فيما بعد، باختصار أقدر أقول لك من الرأس إلى القدم كل جسم الإنسان فيه شرايين، لا يخلو عضو ما إلا راح يتأثر بالتدخين، فمادة الشرايين -في الجسم - هي اللي يؤثر عليها.
أحمد منصور [مقاطعًا]: أول أكسيد الكربون.
د. حجر: نعم أول أكسيد الكربون. القطران أو الزفت اللي نتكلم عنه، هذه المواد كلها مسببة للسرطان كما أنها تثبط حصانة الجسم. اللي راح نتكلم عنها بعدين إذا سألت فيما بعد، هذه المادة الثالثة -الرئيسية -الموجودة في الدخان.
أحمد منصور: دكتور، يعني جسم المدخن من الداخل هل بيختلف في شكله عن الإنسان غير المدخن؟ يعني الآن حينما تفتحون صدر إنسان لعمل جراحة معينة أو غيرها، شكل الصدر إيه من الداخل؟
د. حجر: أنا أقول لك أول مرة عرفت ذلك هو لما كنت طالب طب أشرِّح جثة للتدريب، وكل أربعة منا عندهم جثة، رحنا نشوف الجثث ونعرف من الجثة مدخن أوغير مدخن. المدخن رئته سوداء، فإذا أنت تتكلم عن موضوع الرئة فهي سوداء. ولما يشرحون الرئة فالقصبات الهوائية الكبيرة والصغيرة نراها متكسرة غير مستقيمة الشكل. لذلك الشخص المدخن بعد مدة من الزمن عنده مشكلة في التنفس، لأن تغيير الهواء عنده غير سهل. بعدين الحاجة الأخرى هو الشرايين نفسها، يعني حتى الأطفال المراهقين سن17 و 18 الذين يدخنون، لما يشرحون الجثة – جثة المراهق المدخن- في الشرايين الرئيسية يجدون بوادر لتصلب الشرايين. هذه أشياء جديدة ما كنا نتوقعها.
أحمد منصور: حتى إن الإحصاءات في مصر تشير إلى إن أمراض القلب بشكل عام وأمراض الأوعية الدموية تظهر بعد سن الخامسة والخمسين في الدول المتقدمة، أصبحت الآن تظهر في سن الثلاثين وما بعدها في سن الشباب في مصر، وتسبب بسبب التدخين أيضًا وتسبب هذه المشكلات. لو أردنا أن نصل أيضًا إلى الأمراض الأساسية التي يسببها التدخين للأجهزة المختلفة ولنبدأ بالقلب.
د. حجر: طيب، إذن دعني أقول لك حاجتين، إحنا تكلمنا عن الشرايين وسأرجع للشرايين. موضوعين .. إذا المشاهد فهم هذين الموضوعين سيعرف أخطار التدخين عامة.
أحمد منصور: ما هما؟
د. حجر: أول شيء، التدخين يسبب مشكلة بالنسبة لحصانة الجسم، في جسم الإنسان.
أحمد منصور [مقاطعًا]: المناعة.
د. حجر: المناعة.
أحمد منصور: يضعف المناعة والمقاومة.
د. حجر: في جسم الإنسان مواد كيميائية، الله خالق الجسم بالطريقة هذه، إن هذه المواد يوميًا مثل البوليس داخل الجسم إذا بدأت خلايا غير طبيعية، هذه المواد تقضي عليها،.. كرات الدم البيضاء تتحرك للقضاء عليها، كما أن دخول الجراثيم-أيضًا-تكافحها حصانة الجسم ومناعته، هذه الآن أثبتت إن في الشخص المدخن مشكلة، فالمواد هذه اللي هي ضرورية للحصانة وللمناعة90% منخفضة عند المدخن بالنسبة لغير مدخن.
أحمد منصور [مقاطعًا]:معنى ذلك أن المدخن عرضة للإصابة بـ-حتى-الأمراض البسيطة؟
د. حجر: نعم، يعني أنت حين تفكر أن السل والإيدز فمعروف أنهما في المدخنين أكثر من غير المدخنين، جسم المدخن غير قادر على الحصانة ضد السرطان، هذه أحد الأسباب الرئيسية، فالشخص المصاب -مثلاً- بسرطان الرئة المدخن ويستمر في التدخين، الانتشار يصير أسرع وكذلك نمو السرطان نفسه.
أحمد منصور [مقاطعًا]: يعني الشيء الأساسي المدمر الآن هو تدمير جهاز المناعة في جسم الإنسان؟
د. حجر: نعم، ...
أحمد منصور [مقاطعًا]: مما يجعله عرضة للإصابة حتى بالأمراض البسيطة، لا يستطيع أن يقاومها.
د. حجر: يعني لو تخيلت دولة .. إذا ما عندها دفاع.. معرضة دائمًا للخطر، هذا الدفاع أول شيء إن..
أحمد منصور[مقاطعًا]: يقضي على دفاعات الجسم.
د. حجر: [مستأنفاً]: ثم عندك الشرايين، شرايين جسم الإنسان كلها مثل ما قلت من الرأس إلى القدم .. الأشياء الرئيسية اللي بنتكلم عنها معروفة بالنسبة للشرايين والأمراض اللي بسببها التدخين، أمراض القلب وهي معروفة جدًا-بسبب مرض الشرايين-، الجلطة اللي تصيب الإنسان في المخ..
أحمد منصور[مقاطعا]: أيضًا يتسبب فيها التدخين؟
د. حجر: [مستأنفاً]: نعم يسببها التدخين. أمراض كثيرة في جسم الإنسان، يعني خذ مثلاً القدم، شرايين الرِّجل، عند المصابين الآم أثناء المشي، في النهاية يضطرون يبترون الرجل، الشريان الأورطي الكبير، الانفجار اللي يصيبه، هذه كلها بأسباب مرض الشرايين المسبب بالتدخين.
أحمد منصور: التدخين بشكل أساسي بيلعب دور أن أم أنه أيضًا هناك أسباب أخرى؟ يعني إذا قلنا إن نسبة كم ممن يصابون بهذه الأمراض من وراء التدخين والباقون من أمراض الضغوط النفسية وغيرها من الأشياء الأخرى.
د. حجر: تتكلم عن مرض معين أم عن الجميع؟
أحمد منصور: أنا أتكلم عن الأمراض التي تصيب الإنسان من خلال الأوعية الدموية ومن خلال القلب مما أشرت إليه.
د. حجر: نعم، خذ مثلاً القلب حين نتكلم عنه، التدخين عامل خطورة من عوامل مهمة، عندك أيضًا أشياء أخرى اللي تساعد -على تكوين المرض- مثلاً مرض السكري، ارتفاع الكوليسترول، قلة الحركة، .. الوراثة، إذا اجتمعت هذه المخاطر، يعني خذ حاجتين مثلاً، خذ واحد عنده سكري ويدخن، فهو ضاعف الخطورة، إذا كانت الخطورة –لنفرض- 30% راح تصير 60%.
أحمد منصور: وماذا عن الجهاز العصبي باعتباره من أهم الأجهزة أيضًا لدى الإنسان؟
د. حجر: الجهاز العصبي، أنت ما تتكلم عن المخ الآن والجلطة اللي تكلمنا عنها، إنما تتكلم عن الراحة النفسية أو هذه القضايا اللي تقولها.. سامع كثير من الناس يقول لك والله أنا دخنت علشان أريح أعصابي.
أحمد منصور: صح، هم يقولون بأن النيكوتين-نقلتها من بعض نصوص المدخنين ومما تروجه بعض شركات التبغ-أن النيكوتين يساعد المدخنين على مقاومة أعراض الاكتئاب، ويعزز المزاج، ويخلصه من القلق والتعامل مع الضغوط، ويكسبهم المقدرة على التحكم بالنفس، كل هذه الأشياء الجميلة يحققها التدخين.
د. حجر: هذا غير هو صحيح، الواقع هو الآتي، إحنا إذا نتكلم عن التدخين كإدمان.
أحمد منصور [مقاطعًا]: الإدمان.. يعني أي مرحلة؟ كم سيجارة في اليوم يُبقى مدمن يعني؟ فيه ناس يقول لك أنا بس باخد سيجارة أو سيجارتين في اليوم.
د. حجر: ما نحدد الإدمان بعدد السجائر، ما أقول لك هو الإدمان الحقيقي، كيف نعرف الشخص إنه مدمن؟ بغض النظر إن كان الإدمان على السجائر مثل الإدمان على الخمر مثل أي إدمان آخر، هو له شروط، أول شيء إن الشخص غير قادر أن يتوقف عنه، عنده الرغبة القوية إن يدخن.
ثانيًا: إذا حاول أن يتوقف يصيبه الاضطراب النفسي، تصيبه أعراض جسمية تخليه يضطر يرجع للتدخين، هذه الأعراض: القلق، التوتر العصبي، عدم القدرة على النوم، مضطرب نفسيًا، الجوع، الرعشة في الأطراف، ما يمكن يرتاح إلا إذا أخذ سيجارة، إذا أخذ السيجارة حس بالراحة النفسية.
أحمد منصور: اللي هي هذا الذي يتحدثون عنه، لكن أيضًا من يقول بأن الشيشة تعتبر أقل خطورة من تدخين السجائر، ومن ثم الآن انتشرت الشيشة مثل انتشار النار في الهشيم -كما يقال- وأصبحت النسبة العالية من النساء ومن الرجال والكل الآن أصبح يدخن الشيشة، هل الشيشة فعلاً مخاطرها أقل.
[موجز الأنباء]
أحمد منصور: دكتور، كان الحديث عن عملية الإدمان، وعن الشيشة وانتشارها، وما يُشاع عن أنها أقل ضررًا من السجائر.
د. حجر: أنا قبل ذلك -اسمح لي الأخ أحمد- أرجع لموضوع الإدمان، لأني ما كملت الحديث عن الإدمان.
أحمد منصور: تفضل.
د. حجر: قلنا: الأعراض اللي هي أعراض الانحسار، اللي لمَّا تنخفض نسبة النيكوتين في دم الإنسان فإنه يحس بالقلق والاضطراب النفسي، ولا يمكن يرتاح إلا بأخذ السيجارة اللي تعوضه بالنيكوتين، وهذه أحد الأصول المعروفة بالنسبة للإدمان، معروفة حتى من القدم عن الخمر، عن كل شيء يسبب الإدمان، إذا تذكر أبو نواس يقول: وداوني بالتي كانت هي الداءُ. أي نفس المادة التي تسبب الإدمان.
فالحاصل إيش اللي يصير؟ بالنسبة للموضوع الأصلي إن الناس يقولون: والله إن فلان يحس بالراحة النفسيَّة لماَّ يدخن. تخفف أعراض الانحسار بالنيكوتين، يصير عنده نوع من الكونديشن condition نسميها هو التكيف، فهو يحس إن هذه مادة تريح الأعصاب، ولهذا..
أحمد منصور [مقاطعًا]: وللأسف في رمضان يعني ينتشر بين المدخنين أن الصيام يؤدي إلى إن هم أعصابهم مشدودة ومنرفزين، وإنه وقت الإفطار أول شيء بيعمله إنه يفطر على سيجارة علشان يريح أعصابه، دي شيء شائع بين المدخنين بالنسبة للصيام في رمضان.
د. حجر: نعم، الحقيقة هو المفروض إنه حرام، المفروض ما تجوز السجائر في رمضان. فموضوع الشيشة، بالفعل مثلما تفضلت، كثير من الناس يفكرون إن الشيشة أقل خطورة، بس الواقع غير ذلك، خطورة التدخين سواء كانت شيشة، سيجار، بايب.. كلها عملَّية احتراق للتبغ ومشتقاته الموجودة، إحنا عملنا في وزارة الصحة فحص لعشرة جرام من التبغ اللي وضع في الشيشة، وسحبنا كمية النيكوتين الموجودة.
أحمد منصور [مقاطعًا]: هذا التبغ المعطر، تفاح وغيره من الـ..
د. حجر: [مستأنفاً]: والله ما .. أنا ما.
أحمد منصور [مقاطعًا]: الآن صاروا بيدلعوا شريبة الشيشة.
د. حجر: [مستأنفاً]: ما أروح أشم رائحته، لكن أقول لك إن هذا هو.. هذا التبغ السيئ نفسه، المهم إنه في عشرة جرام الذي هو في الرأس الصغير للشيشة، إن هذا التبغ يحتوي على نيكوتين يساوي واحد وخمسين سيجارة.
أحمد منصور [مقاطعًا]: ياه!!
د. حجر: [مستأنفاً]: رأس واحد.
أحمد منصور: الحجر الواحد زي ما بيقولوا.
د. حجر: [ضاحكاً]: ما أدري إيش تسموه، لا.. حجر، أبعد عنه، لأنه اليوم..
أحمد منصور[ضاحكاً]: لا. إحنا بالحجر مش حجر يا دكتور، إحنا في الحجر.. في مصر يعني معروف إن الحجر الشيشة.. بيشرب كام حجر في اليوم وكذا، كمعدل عن السجائر يعني. الآن الرأس الواحدة تحتوي على ما يعادل واحد وخمسين سيجارة.
د. حجر: من الدراسات التي تمت على تدخين الشيشة ونسبة أول أكسيد الكربون في جسم الإنسان، لمَّا هذه المادة السامة .. هي نفس المادة -التي تنتج من الاحتراق-اللي تسمع أنت مثلاً قصة واحد في سيارة، سيارة تشتغل وهو فيها نام واختنق، أو اللي حط فحم في داخل حجرة واحترق الفحم ومات.. فهي نفس المادة السامة ، هذه المادة تيجي من تدخين التبغ عن طريق الشيشة أيضًل مثل بقيَّة المواد.
أحمد منصور [مقاطعًا]: يعني معنى ذلك إن الجو الداخلي لو فيه مجموعة بتدخن شيشة في مكان مغلق نسبة التسمم تكون عالية في جو التنفس العادي في الغرفة؟
د. حجر: الدخان اللي يخرج مباشرة، اللي يحترق مثلاً من السيجارة أسوأ من الدخان اللي يطلع من فم شخص دخَّن، دخلت المواد في الرئة وخرجت، الرئة صارت مثل الفيلتر، نظَّفت بعض الأوساخ، أمَّا -السيجارة- اللي تحترق مباشرة فأسوأ.
أحمد منصور [مقاطعًا]: طيب ما هم بيساعدوا على تنقية البيئة.
د. حجر: [مستأنفاً]: فالحاصل إن الشخص بعد التدخين وجدوا إنه يصيبه نوع من الضعف العام، سواء كان في قِدرة القلب أو دقاته. لو تاخد الشخص بعد الشيشة مباشرة، وتاخده على ماكينة الركض، وتجرب عليه في المستشفى أو في مكان آخر، راح تشوف إن قدرته الطبيعيَّة في الركض التي هي المفروض يقدر يسويها، غير قادر إن يصلها.. لا يصل نفس السرعة ونفس المجهود القادر عليه قبل التدخين.
أحمد منصور: يعني إذا خرجنا من إطار تأثير التدخين على المدخن نفسه إلى تأثير التدخين على المحيطين بالمدخن، ولو بدأنا بالأم الحامل، لأنه هناك الآن نسبة النساء اللائى يدخن في العالم العربي تتراوح ما بين 7: 15% في بعض المجتمعات، هذه المرأة الحامل الآن التي تدخن، ما هو أثر التدخين على الجنين في بطنها؟
د. حجر: أول شيء إنه بالفعل أنت الآن ذكرت النساء، في الدول الغربيَّة الآن مشكلتهم إن النساء المدخنات عندهم في ازدياد، والرجال المخنين في انخفاض، لأن شركات التبغ تسوق للنساء، تقول: -السيجارة - علشان الرشاقة وإلى آخره والكلام الفاضي هذا. فبالنسبة للمرأة الحامل..
أحمد منصور [مقاطعًا]: المشكلة الناس بتصدق يا دكتور.
د. حجر: بتصدق.. المرأة الحامل وهي تدخن، تكلمنا قبل عن الشرايين، ونفس المشكلة -أيضًا- الشرايين..
أحمد منصور [مقاطعًا]: لدى الجنين.
د. حجر: [مستأنفاً]: المرأة الحامل.. الـ Placenta هذه المشيمة أيضًا تتأثر بالتدخين.
أحمد منصور [مقاطعًا]: اللي هي المحيطة بالجنين.
د. حجر: [مستأنفاً]: اللي يتغذى عن طريقها الجنين، هذا الجنين نموه يصير أقل من النمو الطبيعي، لذلك يولد والوزن أقل من العادة، صغير في الوزن، حجمه صغير ووزنه أقل. والمعروف عن أن الأطفال اللي نموهم غير طبيعي وقليل في الوزن نسبة الوفيات فيهم في الأشهر الأولى أكثر، ما يعيشون نفس المدة، كما أنهم معرضون للموت المفاجئ في هذه الفترة أكثر من غيرهم.
أحمد منصور: هل يصاحب الجنين -أيضًا- بعض الأمراض التي تصاحبه بعد الولادة من خلال أن أمه تسببت في ضرره وهي حامل فيه؟
د. حجر: والله الطفل لابد إنه يكون.. إذا الأم مدخنة، أنا متأكد أن هذا الدم اللي -يغذيه- مشبع بالنيكوتين، هذا الطفل صار مدمن، فأول ما يولد الصياح والأشياء.. قد يكون دلالة على انحسار النيكوتين في الدم، لكن نحن نعرف أن الأطفال -أيضًا- الصغار اللي الأم والأب يدخنون في محيطهم .. دخولهم المستشفيات أكثر من غير الأطفال ...
أحمد منصور [مقاطعًا]: ما يدخنوا، نعم.
د.حجر: [مستأنفاً]: ما يعرضون الأطفال للدخان. كما أن –أطفال المدخنين- نسبة التهاب الأذن عندهم أكثر والسوائل اللي في الأذن أكثر، نسبة الإصابة بالربو أكثر، الالتهابات الرئويَّة عندهم أكثر. السنة الماضية طلع بحث أيضًا مخيف، عملوه كما أظن في بريطانيا، بحثًا على أن الطفل اللي يعيش في محيط من عائلة مدخنة نسبة تحصيله في الامتحانات أقل، يعني يمكن أن يكون للتدخين تأثير أيضًا في الذكاء (للطفل).
أحمد منصور: طيب، هنا نقطة خطيرة -أيضًا- وهامة هل الأب المدخن أو الأم المدخنة يكون هناك تأثير في عمليَّة توريث التدخين -أيضًا- لأبنائهم، نسبة التدخين في الأبناء من الأسر المدخنة أعلى من نسبة التدخين في الأبناء في الأسر غير المدخنة؟
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: دكتور سؤالنا كان عن تأثير التدخين على الأبناء فيما يسمى بعملة توريث التدخين.
د. حجر: ما في إثبات إن الشخص يورث ابنه عادة التدخين، التدخين في محيطه، لكن في حاجة موجودة وهي أن قضية الإدمان عامة سواء كانت على السجائر أو غيرها -موجودة- في جزء معين في مخ الإنسان في المركز، احتمال أن توريثه وارد، بس غير مؤكد 100%.
أحمد منصور: بعض الدراسات التي اطلعت عليها تشير إلى إمكانية تحقيق هذا الأمر، لاسيما الدراسات الحديثة مؤخراً، يعني خلال عام 2000 ظهرت بعض الدراسات بالنسبة ...
د.حجر: أنا قرأت بعض هذه، بس ما هي مقنعة 100% حتى الآن، الطفل لابد إن نعرف أن اللي يؤثر على الطفل هو تدخين الوالدين أو الأهل والزملاء -في المدرسة-والأطفال الذين معه، هم اللي لهم تأثير أكثر ...
أحمد منصور: اسمح لي آخذ بعض المداخلات ......
قناة الجزيرة - السبت 4/10/1421هـ الموافق 30/12/2000م.