باريس في مايو
المناسبة: اشتاق الشاعر للوطن والأهل وهو في مهمة في باريس فاشتكى الحال لصديق مرافق. فقال الصديق بأن في باريس الماء والخضرة والوجه الحسن فالبقاء فيها ممتع. أجاب الشاعر بهذه القصيدة الساخرة. 25-5-2006
أمطارُ باريـسَ طولَ الليلِ تنسكبُ والبردُ في الصيفِ لم يسمعْ بهِ العربُ
لكنَّ باريـسَ في مايو مشتّـيةٌ غيثٌ عميمٌ وبردٌ قــارِسٌ صعِبُ
خمسٌ مضت وغيومٌ فوقَنا ربضــتْ والشمسُ تظهرُ أحياناً وتحتجِبُ
والناسُ فـي (ألزيهِ) الظهرَ سائرةٌ كالجيشِ تزحفُ أوكالموجِ تصطخِبُ
أرى الوجوهَ بـلا حُسنٍ يميِّزُها أين الجمالُ؟ وأين الحسنُ ينحجبُ؟
وعاشقٌ لاحَ بينَ النـاسِ منهمكاً قي قبلةٍ ما بــها ذوقٌ ولا أدَبُ
ليلاهُ شقـراءُ لم تستـرْ مفاتـنَها والثوبُ عن نهـدِها ينـزاحُ ينسلبُ
فـفـخـذُها بينَ فخذيـهِ يخَبِّـئهُ والخصـرُ طـوَّقَـه والصدرُ ينـجذِبُ
يضمُّها في طريــقٍ كلُّـه بشرٌ والناسُ من حولهِ تمشي فتضطْرِبُ
يمارسُ الحبَّ بين الناسِ مفتخراً كالقردِ يفـعلُ، بل للقـردِ ينتسبُ
وما أُعيبُ اسمراراً في ملامِـحهِ أليسَ (عنترَ) من شـادت بهِ العربُ
قد كانَ شهماً شجاعاً أسمراً بطلاً يسمو بحبٍّ وفي أشعارِه العجبُ
من كان يعـشَقُ فلْيسمُ بصـاحبِهِ عما يشينُ وإلا عشــقُـهُ كذِبُ
لم تبقَ في الـــغربِ أخلاقٌ ولا أدبٌ مثلُ البهائمِ لا فـضلٌ ولا أرَبُ
لكنّهم سبقوا فـي العــلمِ ويـلَهمُ نخشـاهمُ ولنا الآدابُ والحـــسبُ
صدور غربٍ وأقصى الغربِ قد مُلئت حقدا ً علينا وذاك الحــقدُ يلتهبُ
قالوا بباريسَ حُسنٌ لا مثيلَ لهُ ويلَ أْمِّهم أين ذاك الحسنُ يحتجبُ؟
لم أُبصرِ اليومَ حسناءً بشارعِهمْ تعبتُ أفحصُ حتى هـدني التعبُ
في سوقِ واقفَ عن أسواقِهم عوضٌ فيها الحسانُ وفيها الدُّرُ والذهبُ
هيا بنا نمخرِ الغيماتِ في طرَبٍ نؤُمُّ دوحةَ إذْ قد هزَّنـي الطربُ
ما طابَ في فندقي نومٌ ولا سهَرٌ لأنني عن بلادي اليومَ مـغترِبُ