رثاء خالد الربان
أُخبِرَ الشاعر، وهو في سفر بعيد، صباح يوم 22-3-2014 بنبأ وفاة صاحبه خالد بن محمد الربان، بعد صحبة زادت على نصف قرن من الزمان. فنزل خبر الفاجعة على الشاعر كالصاعقة، فبكاه بالدموع والأبيات التالية:
فُجعتُ صباحَ اليومِ في موتِ خالدِ فسالت دموعُ العينِ فوقَ القصائدِ
شرِقتُ بدمعي باكيًا بمرارةٍ إذِ الطّيفُ أبدى لي جنازةَ خالدِ
مضى خالدٌ، من لي أنا بعدَ خالدٍ سراجِ الدُّجى خِلّي رفيقي وساعدي؟
فكيفَ سأحيا دون خلّي وصاحبي وأعلمُ أني مثلهُ غيرُ واجدِ؟
وهأنا مفجوعٌ أموتُ من الأسى على صاحبٍ ينأى، وليــس بعائدِ
بعيدٌ عن الأوطانِ كيف أبرُّهُ إذا ما استوى في النعشِ فوق السواعدِ؟
إذا لم أكن للبعدِ أشهدُ دفنَهُ سأنسجُ أكفانًا له مــن قلائدي1)
أتى الشعرُ يرثي خالدًا فأعنتُهُ بدمعٍ غزيرٍ من عيونيَ واردِ
جرى الدمعُ في عيني فأغرق مقلتي على خالدٍ خيرِ الورى والأماجدِ
فلا كانت الأشعارُ إن لــم تُعنْ أخًا على شجَنٍ والعينُ إن لم تساعدِ
لتبكِ بحورُ الشعرِ فقدانَ خالدٍ وتأسُ قوافي الشعرِ أشــجانَ فاقدِ
لقد كان جاري من صباي وصاحبي وصحبتنا سرّت أباه ووالدي
فما كان مِمن يهملُ الصّـحبَ ساعةً مُحبٌّ ومحبوبٌ، نبيلُ المقاصدِ
فقد كان يأتي في الثلاثاءِ مجلسي بفكرٍ منيرٍ ضوَءُهُ غيرَ خامدِ2)
له الصدرُ في جلساتنا كلَّ مرّةٍ فيُتحِفُنا من عِلــمهِ بالفوائدِ
فما ليَ غيرُ الغمِّ والهمِّ والجَوى يُمزقني حزنًا كسيفٍ معاودِ
ألِفنا ليالي الصومِ في دارِ خالدٍ سنينًا كنادٍ للقا والموائدِ3)
فوا حسرتي شهرُ الصيام مقاربٌ وخالدُ عنّا غائبٌ غيرُ عائدِ
سلونيَ عنه إن جهلتم خصالَهُ فما كانَ عن دربِ المعالي بحائدِ
شهدتُ له بالفضلِ والرُّشدِ والحِجا نبيلٌ كريمٌ ماجدٌ وابنُ ماجدِ
أخافُ على الأبناءِ أبناءِ خالدٍ إذا أنزلوا في القبرِ أرحمَ والدِ
وأمّهمُ تبكـي بثُكلٍ مبرِّحٍ وأخوتُه في كُربةٍ وشدائدِ
إذا فقدَ الإنسانُ خِلاًّ كخالدٍ فمفقودُهُ جمعٌ وليس بواحدِ
بذلتُ جهودًا كي أصونَ فؤادَهُ عقودًا، ولكنَّ القضاءَ معاندي4)
تطيرُ المنايا مسرعاتٍ بخالدٍ وكلُّ ابن أنثى مثلُه غيرُ خالدِ
عسى الله يجزيهِ الجنانَ برحمةٍ فعفوُ إلهي واسعٌ كلَّ عابدِ
هنيئًا له الجناتُ في الخُلدِ ساكنًا برحمةِ غفّارِ الذنوبِ النواكدِ
22 مارس 2014 - الولايات المتحدة الأمريكية
الشرح:
1- قلائد الشعر: البواقي على الدهر منه.
2- للشاعر مجلس أسبوعي مساء كل يوم ثلاثاء وكان الفقيد أهم رواده.
3- للمرحوم مجلس مسائي طوال شهر رمضان كل عام منذ أيام الدراسة الثانوية.
4-كان الشاعر طبيبًا لقلب صاحبه الفقيد لسنين عديدة.