ترحيب بوزراء الصحة في الدوحة سنة 2004
كلمة الدكتور حجر أحمد حجر البنعلي وزير الصحة القطري في مؤتمر وزراء الصحة المنعقد في الدوحة في 5-1-2004
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي والسعادة الوزراء
أعضاء الوفود والزملاء الأطباء
أيها السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
إنه لمن دواعي سروري وغبطتي أن أحييكم وأرحب بكم في بلدكم الثاني قطر وأنقل لكم تحيات صاحب السمو أمير البلاد المفدى وولي عهده الأمين.
كما يسعدني أن أرى بيننا اليوم سعادة الأخ وزير الصحة اليمني والوفد المرافق له للمشاركة التامة في هذا المؤتمر بعد أن انضمت الجمهورية اليمنية حديثا إلى مجلسنا. وكلنا أمل ورجاء في أن يكون انضمام اليمن لمجلسنا عاملا مقوياً ومدعماً لجهودنا، لما فيه الخير والصحة لمواطني مجلس التعاون الخليجي.
لقد شاركت كطبيب ووكيل وزارة ووزير في اجتماعات مجلسكم الموقر مدة ما يقرب من ربع القرن منذ أول اجتماع للمجلس حضرته في مسقط سنة 1979 أي في السنة الثالثة لإنشاء المجلس. ولقد تشرفت بالتعرف على أطباء ومسؤولين خليجيين أمثالكم طوال تلك السنين، فكسبت أصدقاءَ واستفدت منهم ومنكم علماً ومعرفةً. فإن كانت هذه آخرَ سنة أكون فيها عضواً في مجلسكم، فإني آمل أن تكون لنا لقاءات شخصية وأخوية معكم في السنين القادمة. فخلال تلك الفترة الطويلة من لقاءاتنا شهدت الخدمات الصحية في دول مجلس التعاون تطوراً كبيراً.
فلقد خطا هذا المجلس خطواتٍ جيدةً في التنسيق والتعاون الصحي بين دول الخليج، وإن كنا نطمع في تحقيق ما فوق ذلك، ولكن (ما كل ما يتمنى المرء يدركه).
فأهم منجزات هذا المجلس في رأيي:
أولاً: الشراء الموحد الذي نفتخر به.
ثانياً: مكافحة التدخين: التدخين أكبر آفة تهدد صحة مواطني مجلس التعاون وتنشب براثنها الإدمانية في أجسام وعقول أطفالنا. ولقد قطع المجلس شوطاً لا يستهان به في مكافحة التدخين في السنين الأولى. ففي أول اجتماع حضرته سنة 1979 اتخذ المجلس قراراً تاريخاً بمنع الإعلان عن التبغ ومشتقاته. وفي سنة 1980 بدأ مجلسكم الموقر بالمطالبة برفع التعرفة الجمركية على التبغ. فبدأنا بـ 30% ووصلنا إلى 100% ولكن تعثرت جهودنا وفشلنا في الوصول إلى 150% التي خططنا لها، بسبب تكاتف شركات التبغ وتأثيرها القوي في مؤسساتنا ووزاراتنا في الخليج (كما تعترف الشركات نفسُها بذلك في الوثائق السرية التي نشرت أخيراً: ففي أحدى الوثائق التي أحتفظ بنسخة منها تقول أحدى أكبر شركات التبغ الأمريكية إنها استطاعت أن تؤثر على قرارات حكومية في البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة (الترتيب كما ورد في الوثيقة) وذلك باستغلال تسويق تجاري مبدع، ووكلاءٍ مؤثرين، وأرباب إعلام ومستشارين...).
لقد نصح البنك الدولي في تقريره لمنظمة الصحة العالمية سنة 1999 برفع الضرائب على التبغ كوسيلة للحد من إدمان الأطفال على التدخين. وذكر البنك الدولي في تقريره أن رفع ثمن علبة السجاير10% يخفض الطلب على السجاير بنسبة تقترب من 4% في البلدان ذات الدخل المرتفع، وبنسبة حوالي 8% في البلدان ذات الدخل المتوسط أو المنخفض. وخلال السنوات الأربع الماضيةِ لم يوافق وزراءُ الماليةُ على اقتراحَ مجلسِنا هذا لرفع الضرائب، تخوفاً من التهريب وهو تخوف لا يدعمه تقرير البنك الدولي. لذا فإن أسعارَ السجايرِ في الخليج رخيصةٌ جداً، وفي متناول الصغار والكبار، الفقراء والأغنياء بل أرخصُ من أسعارِها في الدول التي تصنّعها. ففي قطرَ مثلاً سعرُ أغلى علبةِ سجايرٍ أمريكية اليومَ حوالي 5.5 ريال بينما سعرُ نفسِ العلبةِ في أمريكا يتراوح بين 15 و25 ريالاً حسب الولاية.
فللحد من التدخين في ولاية نيويورك وحفاظاً على أطفالهم رفعت الولاية الضرائب على التبغ فأصبحت الآن قيمة العلبة التي تباع في الدوحة بـ 5.5 ريال تباع في نيويورك بـ 7 دولارات، بينما الثمن أقل في الولايات المجاورة لها. ولم تمنعها حدودها المفتوحة على بقية الولايات من أن ترفعَ السعر.
ولقد رفعت بريطانيا حديثاً الضرائب على التبغ فبلغ ثمن العلبة التي تباع في قطر بـ 5.50 ريال 4.50 جنيه إسترليني أي حوالي 29 ريالاً.
ليس من دواعي الفخر والاعتزاز أنّ مجلسَ التعاون الخليجي من أرخصِ مناطق العالم لشراء السجاير ومن أغلى مناطق العالم لشراء الأدوية.
لذلك فلابد أن نبحثَ في هذا الاجتماع عن وسيلةٍ أخرى لإقناع القادةِ الأخذ بمقترحات وزراء الصحةِ لرفع الضرائب على التبغ وهي مقترحات ليست مدعمةً من منظمة الصحة العالمية فحسب ولكن نصت عليها الاتفاقية الإطارية الدولية لمكافحة التدخين وساهمت دولُ مجلس التعاون الخليجي في تبنيها.
والجدير بالذكر أن حكومة قطر وافقت السنة الماضية من حيث المبدأ على اقتراح مجلسكم الموقربرفع الضريبة على التبغ إلى 150% ولكنها اشترطت أن يكون التطبيق متزامناً مع تطبيق إحدى الدول الخليجية الأخرى.
ثالثاً: لقد خطت دولنا الخليجية من خلال جهود وزارت الصحة والمؤسسات الصحية والطبية فيها خطواتٍ جيدةً في توفير الرعاية الصحية لمواطنينا، ومكافحة الأمراض وتقليل الوفيات. وليس قولي هذا قولاً إنشائياً، إنما هو واقع تثبته المعايير المتفق عليها وهي المؤشرات الصحية التي نشرها المكتب التنفيذي لهذا المجلس.
لقد قضينا على أغلب أمراض الأطفال المعدية التي لها تطعيمات مثل شلل الأطفال. وارتفع متوسط العمر المتوقع للفرد في الخليج إلى مستوىً يضاهي مستوى متوسط العمر في الدول المتقدمة التي سبقتنا بعقود طويلة، وانخفضت وفيات الأمومة والأطفال الرضع إلى مستوى جيد. ففي قطر على سبيل المثال كانت وفيات الرضع 17 لكل 1000 مولود سنة 1981 فانخفضت حتى بلغت سنة 2002: 8.7 لكل 1000 مولود وهو قريب من معدل الولايات المتحدة وبريطانيا المقدر بـ 7 لكل 1000 مولود.
وختاماً كانت بعض الدول الخليجية تقدم أحياناً للضيوف عرضاً موسيقياً أو مسرحية خليجية ولكن لضيق الوقت لم نتمكن من ترتيب ذلك ولكني أعددت لكم قصيدةَ ترحيبٍ فأرجو الله أن يصبركم عليّ وعليها.