لا همٌّ ولا ضجرُ
وجه الأخ الدكتور حسن نعمة من ألمانيا إليَّ في سويسرا رسالة شعرية على الفيس بوك، تعليقًا على صورة البحيرة في الصباح الباكر في منترو السويسرية التقطتها ونشرتها في الفيس بوك، قال فيها:
أذلك الصبحُ بالإشراقِ منتشرُ على البحيرة يُزْجِي النورَ أم حجرُ
صحت سماءٌ ببشرى شاعرٍ أنِست به الروابي، وسُرّ الطير والشجرُ
راحت تناجيه بالأشعار، وانطلقت بالشجو تشدو وبالأنغام تبتدرُ
قد شفّها الوجدُ واشتاقت على مقة وشاقها الحبُّ والتذكارُ والوطرُ
حتّامَ يا ربِّ أشقى بالأسى وفمي عيٌّ وفكريَ مهمومٌ ومعتكرُ
ما كنت أحسبُ أنّ الداءَ في بدني يُهدّني وكذاك الهمُّ والكدرُ
حسن
فأجبته بالأبيات التالية:
دَع عنك هذا، فقد أسلانيَ المَطرُ عندَ البحيرةِ لا همٌّ ولا ضجرُ
بحيرةٌ صغُرت أمواجُ لُجَّتِها فسادَها الصفوُ، لا حزنٌ ولا كدرُ
والسحبُ تُمطرُ في صَمتٍ بــلا رعَدٍ فيَفرحُ العشبُ والأزهارُ والشجرُ
أرنو إليها إذا ما رمتُ قافيةً فيها اللآلئُ، لا عيٌّ ولا حصرُ
هذي القوافي أتت كالزهرِ عابقةً تضوّعَ الشعرُ لما زانهُ الزهرُ
وأنت يا صاحبي ماذا دهاك تُرى حتى حزنتَ وبان اليأسُ والضجرُ؟
بدأتَ بالصبحِ والبشرى تؤانسني ثم انثـنـيتَ إلى الأحزانِ تَنفـــطرُ
لِمَ التغيّرُ من شدوٍ إلى شجنٍ وأنت في جنة الألمان تنغمرُ؟
فاسمع قصيدَ طبيبٍ قوله "حسنٌ" واحفظ نصيحةَ طَبٍّ إنّهُ "حجرُ"
أبا عليٍّ لمَ الأحزانُ والكدرُ وليس عندك ما تخشى ولا عَسَرُ؟
(وليس عندك أفراخٌ تحنُّ لهم زغبُ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ)*
وإن بدا ألمٌ في الرجل تــخبرني فاصبر قليلاً يزولُ الداءُ والضررُ
لا تخش كسرًا إذا ما بان في صُورٍ فكلُّ كسرٍ بطبِّ اليومِ يَنجَبِرُ
قد كنتَ في الدارِ تشكو الدهرَ في شجنٍ وقد رحَلتَ، أما أسلاكم السفرُ؟
ما الدهرُ إلا بعيرٌ جُنَّ راكبُهُ في ظلمةِ الليلِ والحادي هو القدَرُ
يسيرُ في الدربِ يَسري في غياهبِهِ بلا دليلٍ، وغابَ النجمُ والأثرُ
فإن أرادَ إلهي أن يُبصِّرَهُ فلا يتيهُ ولا يعشو له بَصرُ
فانعم بصُبحِك لا خوفٌ ولا حذرٌ لا الشمسُ عن حَسَنٍ تنأى ولا القمرُ
حجر 20 أغسطس 2015
*إشارة إلى قول الحطيئة يستعطف الخليفة عمر لما سجنه بسبب هجائه للناس:
ماذا تقولُ لأفراخ بذي مرخٍ زغب الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة فاغفر عليك سلام الله يا عمرُ