هريرة
قصة القصيدة: طلبت ابنة الشاعر الصغيرة أسماء أن يكتبَ لها قصيدة عن قطتها المحبوبة، وزودته برقعة كتبت فيها أفكارها كالآتي: "العنوان: هريرة . هريرتي الجميلة، عيونها تلمع في الظلام، ولون خشمها أحمر كالورد، وشعرها ناعم كالحرير، وألوانها جميلة متناسقة سوداء كالظلام، وبيضاء كالثلج، وذهبية كالذهب، وعندما تتحرك برقة تبدو كأنها أميرة رقيقة، وصوتها جميل مثل الموسيقى في أذني، ومخالبها طويلة تشمخني كل يوم، وقفزتها رشيقة".
هريرتي الصغيرةْ في حُبِّها أسـيرةْ
نُحـبُّها جميعُنا مَحبةً شهـيرةْ
نُحبُّها إن جلستْ كأنَّهـا أمــيرةْ
اختارها شقيقُنا من قطـطٍ كثيرةْ
تُباعُ في دُكَّانةٍ كأنَّهـا حـظيرةْ
بمئةٍ أتى بها بضعفِها جَـديرةْ
أتى بها هـديةً في ليلةٍ مَـطيرةْ
أتى بها وحيدةً يتيمـةً فـقيرةْ
ينهرُهـا إذا أتتْ من أجْل أن تزورَهْ
يطرُدُها إن قرَّبتْ لفتــرةٍ قصـيرةْ
أبعدها عن حِضنِهِ حزينـةً كسيـرةْ
عُطـاسُه مكرَّرٌ إن قاربتْ سريرَهْ
نُطعمُِها من أكلِنا في الصبحِ والظَّهَيْرةْ
ومن حليبٍ باردٍ ملــعقةً كبيرةْ
ثم نراها تلعبُ بلُــعبٍ يَسيرةْ
تَنطُّ خلفَ فارةٍ دُميــتِها الأثيرةْ
تَعَضُّـني بخِفَّةٍ تلعبُ بالضـفيرةْ
فإن رأتْ عصفورةً في سِدْرةٍ صـغيرةْ
تلبَّدتْ تــرقُبُها كنَمْرةٍ مَكـيرةْ1
تمضغُها تخيُّلاً تكـرِّرُ الوَتيرةْ2
وإن رأتْ فراشةً زاهيةً فخـورةْ
نطَّتْ على شبّاكِنا وانحدرتْ كسـيرةْ
مرآتنا قد عكستْ صورتَها الخطـيرةْ
فكشَّرتْ أنيـابَها لأنّها جَسـورةْ
وهزهزت بذيلها كأنَّها نـذيرةْ
وسارعت بقفزةٍ وسقطةٍ عسـيرةْ
ثم استوتْ وفكّرتْ كأنـهــا وزيرةْ
فأدركت خيـالَها وأصبحت خبيرةْ
خُشَيْمُها وُرَيْدةٌ وأذْنُهـا صغيـرةْ
وعينُها كجمرةٍ في الليلِ مُستـديرةْ
لكنها إن أصبحت كأنّهـا شَـعِيْرةْ
وفي الظلامِ أبرقت كنجمـةٍ مُـنيرةْ
وكلُّنا في ظُـلمةٍ عيونُنا ضَـريرةْ
وقطَّتـي ساحرةٌ في ظلمةٍ بَصيـرةْ
جلوسُها مُمــيّزٌ بجلسةٍ وقــورةْ
وجيدُهـا مُرتفِعٌ كنخــلةِ الجزيرةْ
ومن حريرٍ شـعرُها أهدابُــه غَفيرةْ
بياضُــها مُرَقّعٌ بصُــفرةٍ غزيرةْ
لكنْ أبي حـذّرنا من مِخلبِ الحقيرةْ
قال اقطعوا مِخْلبَها لأنهـا خطيرةْ
الداءُ في تَشْمِيخِها سخونـةٌ مَـريرةْ
ما ضَرَّنا لو شمّختْ أصابِعاً صغيـرةْ
كم نقشتْ في جلدِنا زخارفاً نضـيرةْ
فإن رآها والدي أسمعها زئـيره:
يا ويلها من قطّةٍ يا ويلَها الحقـيرة
هُريرتي نُحِبّـها في بيتنا سَمـيرةْ
نُحبُّها جميعُـنا وأختُنا الكبــيرةْ
تنام في أحضاننا سعـيدةً قـريرةْ
أُحبّهـا أُحبّهـا هُريرتي الصـغيرةْ
30 نوفمبر 1996
الشرح:
1. تلبَّدتْ: التصقت بالأرض.
2. الوتيرة: الطريقة.