مضى الأجود
رثاء أحمد بن علي بن سعيد الشامسي، صديق الشاعر، وتلميذ والده.
نَعَوْكَ وقَالوا: مَضى أحمدُ وغُيِّبَ فـي قبْرهِ يُلحَدُ
فوا أسفي والأسى قاتِلي أقولُ لدمعيْ مضى الأجودُ
بكيتُ عليكَ وإن لم أكنْ بدائِكَ أجهــلُ مـا يلبُدُ1
بكيتُ عليكَ وإن لم تكنْ وفاتُك في بَغــتَةٍ تُـورَدُ
ونِلْتَ من الداءِ فَقْدَ الرَّجـا فعيشٌ كـذلكَ لا يُحْمَدُ
سأذكُرُ ما قلتَـهُ والأســى يُفجِّرُ دمــعيْ فلا يَجمُدُ
ذكرتَ المنيّةَ إذ قلـتَ لي قُبيلَ المَماتِ، وهـا أشهَدُ:
"أُصِبْتُ بداءٍ عسيرِ الدوا وإنَّ المــنيَّةَ لا تَبعُدُ
فما خِفتُ ممّا قضا ربُّنا نَموتُ ومنْ يا تُرى يَخلُدُ؟
فشكراً لربّــيَ إحسانَهُ أخذتُ نصيبيَ لا أَجـحَدُ"2
ذكرتَ بخيرٍ صـحابَ الصِّبا وكنتَ مُحــبًّا ولا تَحقِدُ
فما كـان مثلَكَ مِن بيننا أديبٌ كريمُ الخُطا أمجَدُ
بكيتُ عليكَ فأنـــتَ أخي أما قلتَ والـدُنا أحـمدُ؟
سأبكي لفقـدِكَ يا أحمدُ وكنتُ بكم دائماً أَسعَـدُ
عليٌّ أبـوكَ وهذا أبي صداقتُـهم بيــنَنا تَخلُدُ3
بَكى والدي قبل عامٍ عليـ ك إذْ جئتَ للفحصِ تسترشِدُ
وكنتَ عليه تُسيلُ الدمــوعْ وقد هدَّهُ داؤُه المُقعِدُ
فأهلي وأهلُكَ صاحوا لظىً بأفئدَةٍ نــارُها تـوقَدُ
كتمتُ المصيبةَ عـن والدي عليلٌ ضعـيفٌ كما تَعْهَدُ
فلو كان يعرِفُ ما صابَكمْ لكانَ حِـذا أحمدٍ أحمدُ4
فكيفَ السلوُّ ولست هنـا فقيدٌ عزيزٌ بـــهِ نَكمَدُ
فهيهاتَ نُطفي لهيبَ الأسى وفـقدُك يُـوقِدُ لا يَخمُدُ
فنمْ خالداً فـــي الجِنانِ وكنْ بظلِّ الإلـه الذي نعبُدُ
ورحمَةُ ربّي علـى روحِكمْ وعَفوَكَ يــا ربَّنا نَنـشُدُ
25 نوفمبر 1996
الشرح:
-
كان الشاعر هو الطبيب الذي أشرف على الفحوصات الطبية للفقيد في قطر، وهو الذي أخبره بحقيقة مرضه العضال.
-
لمّا أخبر الشاعر صديقه المريض أحمد الشامسي بأن مرضه عضال، سكت أحمد دقيقة أو دقيقتين ثم قال رحمه الله: "لقد أخذت نصيبي من الحياة، فليأخذ غيري نصيبه منها، ولا يخيفني الموت، وأنا أقبل
-
كان السيد علي بن سعيد الشامسي والد الفقيد والشيخ أحمد بن حجر والد الشاعر صديقين حميمين.
-
أحمد: اسم الفقيد وكذلك اسم والد الشاعر، فالمقصود بالأول: الفقيد في قبره والثاني والد الشاعر.