وفي 7/4/2003 زاد الخراب والدمار وقتل الأبرياء في بغداد من جراء القصف، وخيمت على الوطن العربي غيوم الحزن والأسى التي أحسها الشاعر فقال:
ما بالُ عيـنيَ قد فاضت بما فيها من الدمــوعِ التي غطت مآقيها
هذي الدموعُ عـلى بغدادَ قد هطلت ويحاً لأمَّتِـنا، زادت مـآسيها
تبكي عليها جموعُ العُربِ قـاطبةً إلا القــلائلَ ما هـذا يبكِّيها
لكنَّ عينيَ ما جــفَّت مَـدامِعُها فالهمُّ يُشعلُـها والـغمُّ يُبكيها
أخشى عليها العِدا فالجيشُ حاصرَها من كــلِّ ناحيةٍ سُدَّت نواحيها
يكسو السماءَ سِلاحُ الجوِّ يقصفُها فتستطيرُ بشُعــلاتٍ نواصـيها
تراكمت سُـحبُ الدخّانِ صـاعدةً والنارُ تصــعَدُ فاحمَّرت لياليها
أعداءُ بغدادَ أعـداءٌ لأمّــتِنـا أعـداءُ حاضرِها أعداءُ ماضيها
لقد بكيتُ على بغــدادَ في أسفٍ لمّا بدا البغـيُ بالـنيرانِ يُصلِيها
حزينةٌ ودمُــوعٌ بالأسـى هَطلت فالبؤسُ يَعصِرُها عصراً بمَن فيها
غريقةٌ وبحــورُ الدمعِ تَغـمرُها والحُزنُ خيَّـمَ حتى كادَ يُخفيها
أسيرةٌ وذئـابُ الغابِ تنهــشُها فتستغيثُ، ولـكنْ مـن يلبيها؟
جَريحـةٌ ونَزيـفُ الدَّمِّ مُنـشعِبٌ بلا طبيــبٍ ولا آسٍ يُواسيها
أحدِّقُ اليـومَ في الشاشاتِ مُنقهِراً أرى الدمارَ جـليًّا فـي مبانيها
أرى القنابلَ تهـوي فـوق أبنيةٍ قديمةِ العهدِ قد مـالت حواشيها
فحوّلتـها علـى الأشـلاءِ مقبرةً أنقاضُها غطـست في دمِّ أهليها
فالقصفُ يُشـعِلُ نيـراناً مـدمِّرةً والنهرُ يَجري حزيناً في ضواحيها
كأنَّه بدمـوعِ الناسِ مختــضِبٌ والبؤسُ والحزنُ والآلامُ تُذكيها
أنهارُ بغـدادَ لو جفَّـت منابـعُها لكـادَ فيضُ دموعِ البؤسِ يرويها
وطِفلةٍ قد هوت والقصفُ أسقطها فبانَ دمـعٌ ودمٌّ كـادَ يوديها
دمعٌ ترقرقَ فوقَ الجُـرحِ منسكباً فاحمرَّ دمعٌ وبان الجرحُ في فيها
كم طفـلةٍ مثلِهـا تبـكي أقاربَها فالقصـفُ يتّمَها، أودى بكاسيها
صُفرٌ ملامُـحُها حمرٌ مـدامعُها سودٌ مـلابسُها بيـضٌ مآقيها
يا دارَ منصورَ إنَّ العرْب قد هُزموا وسلّموا العِـلجَ تلك الدارَ يَجنيها
تاجُ الخِلافـةِ بغـــدادٌ ودرَّتُه فوقُ البسيطـةِ ما دارٌ تُضاهيها
أيامَ هـارونَ تُجبى السحبُ نائيةً واليومَ جاءت علوجُ الغربِ تجبيها
يا قبرَ مُعتصـمٍ دُلْـنا إلى عـجَمٍ ذُقنا علـى أضَمٍ ذُلاًّ وتشويها
يا قبرَ معتصـمٍ جئـناك فـي ألمٍ قل للـرُفاتِ التي نامت تواريها:
كم طِفـلةٍ في ثرى بغدادَ قد فَزِعت دمــعٌ يغـرِّقها، حُـزنٌ يبكِّيها
كم نِسوةٍ في ديارِ العربِ قد صرخَت أينَ الجيوشُ؟ وأينَ اليومَ راعيها؟
عساكرُ الغربِ حلَّـتْ في مخادِعها أمّا الرجـالُ فخوفُ البطشِ يُخفيها
بالأمسِ قُرطبةٌ واليـومَ وا أسفي بغدادُ تُسلبُ والعـربانُ تَبكيها
إذا النعـيُّ نعى بغـدادَ في شَجنٍ أجبـتُه قائلاً: لا عاشَ ناعــيها