أغرى قومنا السفر
سبب القصيدة: دار الحديث بين الشاعر وعياله عن الصيف والإجازة الصيفية وهم يقضونها في سويسرا، وشرح لهم كيف كانت الحياة في الخليج أثناء فصل الصيف عندما كان صغيرًا. وذكر الشاعر لهم رأيه في الإجازة الصيفية، واستمع لآرائهم المخالفة بكل عطف ومحبة. وفي المساء سجل خواطره عن الصيف في هذه الأبيات، وقرأهاعليهم صباحًا:
ما بالُنا في بِقــاعِ الأرضِ نَنـتَشِرُ؟ إن أقبلَ الصيفُ، أغرى قومَنا السفَرُ
لا ذنبَ لي في ابتعادي الصيفَ عن وطني ولسـتُ أولَ من قد غَـرَّه سَفَرُ
لو كانَ لي الأمرُ مـا صيَّـفْـتُ مبتعدًا عن دارِ أهلي، وما في النأيِ لي وَطَرُ
لكنَّـني والِـدٌ يُرضــي أحِـــبَّـتَهُ قد عارضونيَ هذا الصيفَ فانتَصروا
قد أمطَـروني بأسـبابٍ مُــوثَّـقـةٍ وَعَيتُـها ووَعاها البدوُ والحَـــضَرُ
خليجُـنا الصيفَ حَرٌّ ردَّدوا بأسـًى يَشــوي الجلودَ فلا يُبقي ولا يَذَرُ
فالريحُ مغبَـرَّةٌ والشمــسُ حـارِقةٌ والرملُ كالنارِ فـي الأقـدامِ تَستَعِرُ
والجوُّ صَـحوٌ شهورَ القــيـظِ قاطِـبةً لا الشمسُ تحجُبُها سُحْبٌ ولا القَمَرُ
فقلتُ: لا تُـكثِـروا من عَـذْلِ بِيئَتِـنا للهِ حُكـمٌ بهـذا، حُـكـمُهُ قَدَرُ
أمّا أنا، فبـلادي لســتُ أعــذِلُها لو قلَّ ماءٌ بِـها أو قلّتِ الشجَرُ
يا ويحَ أيامِـنا كانــت لنا لَـهَـبًا إن تسألوني فعـندي الخُبْرُ والخَبَرُ
عِشنا معَ الحَرِّ لم نَـجـزَعْ لشدَّتهِ وقد صَبَرنا، وإنَّا مَعـشَرٌ صُبُرُ
كانت مِهـفّاتُنا فـي الحَـرِّ مُسعِـفَةً منها البَـرادُ، ونَضـحُ الجِـلدِ يَنحَدِرُ
عيشٌ بَسيطٌ ولم نَعـرِفْ لـهُ بَدلاً والناسُ تسعى، وبالحِرمانِ ما شَعَروا
عاشَ الأوائلُ حـولَ البَحرِ فيدَعَـةٍ في الحرِّ والبَردِ قــالوا: إنَّهُ القَدَرُ
قومٌ أجاويدُ أبطــالٌ فَخَـرتُ بِهـمْ رجالُ فضــلٍ وعِزٍّ، ما بِهــم خَوَرُ
كدّوا بجــدٍ، وجَدبُ العيــشِ أنهـكَهمْ فنِعمَ قَـومًا لنا في ذِكرِهــم عِـبَرُ
لم يخلُ دهـرُهـــمُ مما يَـسـرُّهمُ وسُنةُ الدهرِ فيها الصفْوُ والـكَدَرُ
قد أورَثونا خِـصـالاً من فَضـائلِهمْ ولا نَزالُ بهم يا قَـومُ نَـفتَخِرُ
قومٌ عَلَوا وأضـاؤوا دَربَـنا ومَضَوا أطيافُـهمْ في سَمانا الأنجمُ الزهُرُ
حَذارِ أن تستـهيـنوا فـي مآثِـرِهمْ فإن فعلتمْ، ففي أبـصارِكمْ قِـصَرُ
أُثني عليهمْ بِما شــاهـدتُ من أَثرٍ فالنخْلُ يُحمدُ إذ يُستَـطعَمُ الثمَرُ
أدعو إلهي ولي فـي جُــودِهِ وَطَرٌ أن يهطلَ الصيفَ في أوطانِنا المَطَرُ
وتُحجبَ الشمسُ خَلفَ السـحـْبِ نائيةً ويَكثرَ الماءُ في الأوطانِ والخُضَرُ
منترو، سويسرا 21 أغسطس 2009